تقرير: محمد أمزيان – إذاعة هولندا العالمية/
رفض الفنان الليبي علي فطيس أن يتعهد بعدم الغناء باللغة الأمازيغية فسُحبت منه وثائقه الشخصية ليصبح بلا هوية. تعرض لملاحقات وتحقيقات مستمرة فلم يجد أمامه سوى المنفى ملاذا. وصل هولندا أواسط أبريل من السنة الماضية طالبا للجوء وحاملا معه رسالة واحدة. "الآن لدي قضية أدافع عنها هي استرداد هويتي".
مراقبة مستمرة
في غمرة الاستعداد للتوجه إلى المغرب لحضور مهرجان أمازيغي في طنجة عام 2006، تعرض الفنان الشاب علي فطيس ومجموعته الغنائية ’ؤسان‘ (الأيام) للاعتقال وسحب جوازات سفر أعضاء المجموعة البالغ عددهم 8 أفراد. بعد الاستنطاق والتحقيقات، طلبت سلطات الأمن الليبية منهم التوقيع على تعهد مفاده: إذا أراد أن يستعيد جواز سفره عليه أن يوقع على تعهد بألا يعود أبدا للغناء بغير العربية. "رفضت التوقيع وقلت أثناء التحقيق معي: إن كانت علي قضية اسجنوني أو أطلقوا سراحي". أطلق سراح الفنان علي فطيس (25 سنة) ولكنه ظل طيلة أربع سنوات تحت المراقبة اللصيقة ويدعى للتحقيق كلما غنى في حفل أو لقاء، وسحبت منه أوراقه الثبوتية وكأنه غير موجود.
"بقيت أربع سنوات في ليبيا بدون وثائق، تلاحقني السلطات الليبية في كل الأماكن والحفلات التي كنت أغني فيها. كنت أغني بالأمازيغية ولكن ليس بحرية وتحت ضغوط ورقابة الجهات الأمنية. في الرابع عشر من يناير 2010 كنت مع المجموعة أغني في مزرعة خاصة بمنطقة السواني في طرابلس دون جمهور. كانت حفلة خاصة، إلا أن كتيبة مسلحة طوقت المزرعة وهددتنا بالسلاح".
هواتف نقالة
عموما يتعرض الفن الملتزم في ليبيا للحصار والتهميش والتجاهل، إلا أن معاناة الفنانين الليبيين من أصول أمازيغية لا تقاس، بحسب علي فطيس. "للأسف، معاملة الفنان الأمازيغي في ليبيا لا يمكن وصفها إلا بكونها كارثية. حاولت تسجيل شريط في إحدى الأستوديوهات بطرابلس فتلقى صاحب الأستوديو تحذيرات تطالبه بطردنا وإلا فسيتعرض لمتابعة قانونية".
انسداد القنوات الرسمية أمام الفنانين الأمازيغ دفعتهم للترويج لفنهم عبر طرقهم الخاصة بهم. "الفن الأمازيغي في ليبيا داخلي وليس ظاهريا"، يقول علي فطيس، والترويج يتم "عن طريق الهواتف النقالة وتسجيلات داخلية بواسطة الكاسيت والتقنية التي يوفرها الكمبيوتر الآن، بحيث يمكن تجهيز أستوديو كامل في غرفة البيت. حاولنا القيام بكل شيء غير أن المراقبة لم تتوقف. لم تكن تلك هي حياة الفنان".
إحياء ثقافة
الفنان الشاب على درجة كبيرة من الموهبة ويعزف على آلات موسيقية متنوعة دون أن يتعلم فن العزف ومبادئ الموسيقى في المعاهد المتخصصة. في منفاه الهولندي كون مؤقتا فرقة مع عازفين هولنديين اثنين يساعدانه على توضيب ألحانه التي لم تر النور بعد بشكل رسمي، وإن كان يوزعها بين أصدقائه بالوسائل التقنية الحديثة عبر الكومبيوتر والإنترنيت أو عن طريق المشاركة في لقاءات ثقافية، كما حدث مؤخرا في العصمة البلجيكية بروكسيل حيث التقته إذاعة هولندا العالمية. وبعد حصوله على الإقامة في هولندا أواخر شهر ديسمبر الماضي، يحلم علي فطيس بولادة فنية جديدة في هولندا وأوربا على غرار الفنانين الأمازيغيين من المغرب والجزائر، خاصة وأن "الموسيقى هي لغة العالم"، كما يقول.
ليولد من جديد ويسترد هويته كان على الفنان علي فطيس أن يغترب عن وطنه. الاغتراب في حد ذاته نوع من الولادة الجديدة. "طلبوا مني أن أغني للقائد ولرقي النظام في ليبيا. طبعا هذه الأشياء مرفوضة بالنسبة لي. أنا حامل رسالة وأحاول إيصالها للناس. أنا أريد أن أحيي ثقافة مهددة بالخطر".
تحمل أغاني علي فطيس مضمونا ثقافيا واجتماعيا بالأساس، "تحكي الواقع الأمازيغي وتخاطب الإنسان الأمازيغي لتوعيته بقضيته وبلغته التي ستندثر يوما ما إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن". إلا أنه يرى أن الوقت قد حان ليشرع في الغناء السياسي عن قضايا تهم بلده ليبيا ككل.
عرفت الأغنية الأمازيغية في بلدان الشمال الإفريقي تطورا كبيرا في العقود الأخيرة مع فنانين حفروا اسمهم في دنيا الفن وعبروا بفنهم حدود المحلية إلى العالمية، وأخرجوا التراث الأمازيغي من الفولكلور الشعبي إلى التعبير الفني الإنساني. ليبيا أنجبت أيضا فنانا كان بإمكانه أن ينطلق بالأغنية الأمازيغية إلى ما وراء جبال نفوسة الليبية، إلا أنه حكم عليه بالسجن خمس سنوات لإصداره ألبوما في لغته الأصلية. "لدينا في ليبيا فنان أمازيغي مشهور اسمه عبد الله عشيني، لكنه حاليا في السجن. الفن الأمازيغي، كما قلت لك، محكوم عليه بعدم الارتقاء والوصول إلى كافة طبقات الشعب الليبي".
رفض الفنان الليبي علي فطيس أن يتعهد بعدم الغناء باللغة الأمازيغية فسُحبت منه وثائقه الشخصية ليصبح بلا هوية. تعرض لملاحقات وتحقيقات مستمرة فلم يجد أمامه سوى المنفى ملاذا. وصل هولندا أواسط أبريل من السنة الماضية طالبا للجوء وحاملا معه رسالة واحدة. "الآن لدي قضية أدافع عنها هي استرداد هويتي".
مراقبة مستمرة
في غمرة الاستعداد للتوجه إلى المغرب لحضور مهرجان أمازيغي في طنجة عام 2006، تعرض الفنان الشاب علي فطيس ومجموعته الغنائية ’ؤسان‘ (الأيام) للاعتقال وسحب جوازات سفر أعضاء المجموعة البالغ عددهم 8 أفراد. بعد الاستنطاق والتحقيقات، طلبت سلطات الأمن الليبية منهم التوقيع على تعهد مفاده: إذا أراد أن يستعيد جواز سفره عليه أن يوقع على تعهد بألا يعود أبدا للغناء بغير العربية. "رفضت التوقيع وقلت أثناء التحقيق معي: إن كانت علي قضية اسجنوني أو أطلقوا سراحي". أطلق سراح الفنان علي فطيس (25 سنة) ولكنه ظل طيلة أربع سنوات تحت المراقبة اللصيقة ويدعى للتحقيق كلما غنى في حفل أو لقاء، وسحبت منه أوراقه الثبوتية وكأنه غير موجود.
"بقيت أربع سنوات في ليبيا بدون وثائق، تلاحقني السلطات الليبية في كل الأماكن والحفلات التي كنت أغني فيها. كنت أغني بالأمازيغية ولكن ليس بحرية وتحت ضغوط ورقابة الجهات الأمنية. في الرابع عشر من يناير 2010 كنت مع المجموعة أغني في مزرعة خاصة بمنطقة السواني في طرابلس دون جمهور. كانت حفلة خاصة، إلا أن كتيبة مسلحة طوقت المزرعة وهددتنا بالسلاح".
هواتف نقالة
عموما يتعرض الفن الملتزم في ليبيا للحصار والتهميش والتجاهل، إلا أن معاناة الفنانين الليبيين من أصول أمازيغية لا تقاس، بحسب علي فطيس. "للأسف، معاملة الفنان الأمازيغي في ليبيا لا يمكن وصفها إلا بكونها كارثية. حاولت تسجيل شريط في إحدى الأستوديوهات بطرابلس فتلقى صاحب الأستوديو تحذيرات تطالبه بطردنا وإلا فسيتعرض لمتابعة قانونية".
انسداد القنوات الرسمية أمام الفنانين الأمازيغ دفعتهم للترويج لفنهم عبر طرقهم الخاصة بهم. "الفن الأمازيغي في ليبيا داخلي وليس ظاهريا"، يقول علي فطيس، والترويج يتم "عن طريق الهواتف النقالة وتسجيلات داخلية بواسطة الكاسيت والتقنية التي يوفرها الكمبيوتر الآن، بحيث يمكن تجهيز أستوديو كامل في غرفة البيت. حاولنا القيام بكل شيء غير أن المراقبة لم تتوقف. لم تكن تلك هي حياة الفنان".
إحياء ثقافة
الفنان الشاب على درجة كبيرة من الموهبة ويعزف على آلات موسيقية متنوعة دون أن يتعلم فن العزف ومبادئ الموسيقى في المعاهد المتخصصة. في منفاه الهولندي كون مؤقتا فرقة مع عازفين هولنديين اثنين يساعدانه على توضيب ألحانه التي لم تر النور بعد بشكل رسمي، وإن كان يوزعها بين أصدقائه بالوسائل التقنية الحديثة عبر الكومبيوتر والإنترنيت أو عن طريق المشاركة في لقاءات ثقافية، كما حدث مؤخرا في العصمة البلجيكية بروكسيل حيث التقته إذاعة هولندا العالمية. وبعد حصوله على الإقامة في هولندا أواخر شهر ديسمبر الماضي، يحلم علي فطيس بولادة فنية جديدة في هولندا وأوربا على غرار الفنانين الأمازيغيين من المغرب والجزائر، خاصة وأن "الموسيقى هي لغة العالم"، كما يقول.
ليولد من جديد ويسترد هويته كان على الفنان علي فطيس أن يغترب عن وطنه. الاغتراب في حد ذاته نوع من الولادة الجديدة. "طلبوا مني أن أغني للقائد ولرقي النظام في ليبيا. طبعا هذه الأشياء مرفوضة بالنسبة لي. أنا حامل رسالة وأحاول إيصالها للناس. أنا أريد أن أحيي ثقافة مهددة بالخطر".
تحمل أغاني علي فطيس مضمونا ثقافيا واجتماعيا بالأساس، "تحكي الواقع الأمازيغي وتخاطب الإنسان الأمازيغي لتوعيته بقضيته وبلغته التي ستندثر يوما ما إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن". إلا أنه يرى أن الوقت قد حان ليشرع في الغناء السياسي عن قضايا تهم بلده ليبيا ككل.
عرفت الأغنية الأمازيغية في بلدان الشمال الإفريقي تطورا كبيرا في العقود الأخيرة مع فنانين حفروا اسمهم في دنيا الفن وعبروا بفنهم حدود المحلية إلى العالمية، وأخرجوا التراث الأمازيغي من الفولكلور الشعبي إلى التعبير الفني الإنساني. ليبيا أنجبت أيضا فنانا كان بإمكانه أن ينطلق بالأغنية الأمازيغية إلى ما وراء جبال نفوسة الليبية، إلا أنه حكم عليه بالسجن خمس سنوات لإصداره ألبوما في لغته الأصلية. "لدينا في ليبيا فنان أمازيغي مشهور اسمه عبد الله عشيني، لكنه حاليا في السجن. الفن الأمازيغي، كما قلت لك، محكوم عليه بعدم الارتقاء والوصول إلى كافة طبقات الشعب الليبي".