الكاتب: طيب أيت حمودة
كثيرا ما يُشهر سيف التَّزييف والكراهية ضد الأمازيغ بكونهم رأس الفتنة، هذا الوصْف الذي رافقهم طيلة العهد الإسلامي، و كلما حالوا الإبانةَ َ عن نفسهم، أو أخْذ حقوقهم، أو نفضِ الغبار عن ماضيهم الذي شابه الغموض والتزوير، إلا ووصفوا بأشنع الأوصاف وقرئت عليهم آيات اللطيف، وعدوا من أهل الفتنة، وتُبغ الغرب، والطابور الخامس، وأهل الكُفر ..وما شابه .
هذا الماضي الذي اكتوْوا بنيرانه، والذي دفعوا فيه الغالي والنفيس دون الإبانة عن مبلغ التضحية التي قدموها لأرضهم وعقيدتهم، والتي غالبا ما تنضوي وتنسب للعربِ عُنصرية باسم الإسلام، بدعوى أن العربي ممثل سامي للإسلام، والعجيب في الأمر أن العربي الغازي يعتبر المُساواة في الحقوق والوجبات مظْلمة في حقه ، فهم يُمارس سياسة مناهضة للدين العادل، بعدما صاغ أحاديث ملفقة للرَّسول الأعظم غرضُها الأساس الهيمنة والحضوة، وجعل الموالي من العجم تابعة لهالة العرب متشفعة بها، وما عليهم إلا الرُّكوع والإنحناء، وبوس الأيدي واضعين تعاليم الرَّحمن خلف ظُهورهم وتحت أقدامهم.
وما رابني هو قراءتي في بعض الكُتب عن فتنة الأمازيغ في خراب قرطبة، ومسح الخنجر فيهم بدعْوى أنهم أهل بربرية وتخريب وعدوان، وهو ما زاد من فضولي في البحث عن حقيقة هذه الفتنة القرطبية خلال بداية القرن الخامس الهجري وما رافقها من تسنجات، فلم أعثر على مبتغاي لأن جُل ما كُتب، دُوِّن من طرف العرب أنفسهم، وفي خبرهم ميلٌ للفضل العربي ومناصرةٌ مستترة لهم لا لغيرهم، وهم في ذلك مسايرون لطابع ذلك الزمان ، أمثال ابن عذارى ، وابن قيم القرطبي ، أمَّا الناقلون من المؤرخين فقلما يشيرون إلى موقع الداء ، فهم يمارسون الحَجْب والإِظهار تبعا لميولهم وانتماءاتهم ومشاربهم وقناعاتهم وأهوائهم السابقة واللاَّحقة .، وأهم ما وجدته بنوع من التَّوسع تضمنه كتاب ابن عذارى المراكشي في ثنايا كتابه الموسوم بالبيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب في جزئه الثالث .وتناوله المؤرخ الهولندي دوزي في كتابه تاريخ اسبانيا الإسلامية، وحسين مؤنس في معالمه عن تاريخ المغرب والأندلس .
قد يتساءل المرء عن السر في استرجاع الماضي والخوض في مثالبه، واستخراج نواقصه بالرغم من أن جل ما قيل ليس كما قيل، أو كما وقع، لأن فيه إعتماد ظاهر على المروي، وقدرة الذاكرة على التخزين محدودة وآفة النسيان ترهقها، زيادة عن هوى المؤرخ الذي يميل بالحادثة كل الميل إما طمعًا أو ولعًا، أو حبا في خدمة السُّلطان، أوالتملق له بأبخس الأثمان .
إن استرجاع المخزون التَّاريخي خيره وشرهِ مدعاة للتأمل، واكتشاف موضع الخلل في مسيرة الأقوام، لأن الأمة التي لا تستوعب تاريخها تعد ناقصة، ولها قابلية اجترار أخطاء وقعت لها ماضيا، وليس العيب في الوقوع في الخطأ، وإنما العيب الأكبر هو محاولة طمسه أو السكوت عنه، أو التمادي فيه واجتراره باستمرار لدعوة جاهلية، ومن هذا المنطلق سعيت إلى كشف النقاب عن أزمة عصيبة ألمت بالمسلمين جميعهم في الأندلس عرفت في التاريخ بفتنة قرطبة، وصفها ابن بسام بأنها كانت: ( شِداداً نَكِدات صعاباً مَشئؤومات، كريهات المبدأ والفاتحة، قبيحة المُنْتَهَى والخاتمة )[1]
*** سيناريُو الصِّراع في قرطبة :
للتقرب من واقعة قرطبة ونكبتها لا بد من معرفة العناصر الفاعلة والمفعول فيها ، إعتمادا على مصادر نقلت الخبر أو بحثت فيه، وأهم ما وجدناه في المراجع المعتمدة مثبت أدناه :
**الخليفة هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ( المؤيد بالله) (366-401ه ) أمه جارية أم ولد تعرف بصبح، حكمه دام 33 سنة تقريبا، وتحت ملكه نشأت الدولة العامرية، وتعد فترة حكمه من أكثر الحقب دموية في تاريخ الأندلس، وتدحرجت قيمها الحضارية والإنسانية والإسلامية من ذروة مجدها وقوتها وبحبوحة عيشها إلى حضيض الحرب الأهلية الدامية التي لم تبق ولم تذر، ولم يبق للسلطة المركزية وجود وذكر، رغم محاولات تجديدها بأسماء وألقاب ما لها من سلطان، وقد تعاقب على كرسي الخلافة في هذه الحقبة العصيبة ستة أفراد من البيت الأموي، وانتهت فصول الحقبة بإلغاء الخلافةِ تماما في 1031م بإقامة مجلس دولة .
** العامريون( بنو عامر) / بدأ عهدهم ب / بمحمد بن أبي عامر . الذي لقب نفسه بالملك المنصور. و خلفه ابنه عبد الملك الملقب بالمظفر، ثم من بعدهما الملك عبد الرحمن ابن أبي عامر الملقب بسنجول نسبة إلى جده سانشة، والأخير منهم له اليد الطولى في الأزمة، لما أبداه من مجون وعربدة ورغبة في الوُصول إلى منصب الخلافة مجبرا الخليفة الصُّوري على الاعتراف به كولي لعرشه، وهؤلاء الثلاثة كانوا الحكام الفعليين في الدولة لضعف الخليفة هشام بن عبد الملك (المؤيد بالله .) وهو ما يشير الى الفصل بين السلطتين الروحية ( المؤيد بالله ) والزمنية لدولة الحُجاب بزعامة محمد بن أبي عامر وأبنائه من بعده .
** محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي).
ورد في البيان المغرب للمراكشي، بأنه محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، لقب (بالمهدي)، أمه جارية تعرف بمزنة العرجاء لخلع كان بها، اشتهر بالهشاشة والطيش والخفة، وهو سبب بداية الفتنة التي عرفتها قرطبة، عمره 33سنة، ولي مرتين ألأولى( لمدة 9أشهر) يوم خلع هشام، سنة 399، والثانية بعد سليمان ( 49 يوما) بمجموع وصل إلى عشرة أشهر وتسعة عشر يوما . ويذكر كذلك بأنه (أشأم خليفة على وجه الدنيا )[2]، أساء لزاوي بن زيري بن مناد عظيم صنهاجة احتباسا بالباب، ونهبت دورهم بالرصافة، (ولما أراد الله خذلانه مُظهرا البغض للبربر… لا يقدر أن يستر ذلك فكان يتكلم بسوء الثناء عليهم، وبلغهم الخبر بذلك ..) [3]، (لم يكن يملك أية موهبة، كان سفاكا قاسيا منحط النزعات، ولم يهده ذكاؤه إلا شيء غير الاستبداد بالبربر وأذاهم وإهانتهم عقابا لهم على تأييد بني عامر …. ناصب البربر العداء .. يحاول استذلال البربر … أخرج كل البربر الذين كانوا في خدمة المنصور من قرطبة ، فرفض هؤلاء الخروج ، وبدأ الصراع بين البربر والأندلسيين في عاصمة الخلافة )[4] .
وعندما اشْتعلت الفتنة ُ التي غذاها بين العامة في قرطبة (كان ينادي في الناس من أتى برأس بربري فله كذا ..، فتسارع أهل قرطبة قتل من قدروا عليه ….. ونهبت ديار البربر وهُتك حريمهم وسبي نساؤُهم وباعُوهن في دار البنات، وقتلوا النساء الحوامل، وقتل قوم من أهل خراسان وأهل الشام على أنهم بربر .. !!!؟؟ . لذلك هاجر الكثير منهم وناصروا أخيه سليمان، وسبق لمحمد بن هشام أن اتخذ جندا من العامة وأطراف الناس وقربهم وآثرهم على العبيد العامرية وعلى الطائفة البربرية وأساء إلى هذين الطائفيين فستوحشوا منه ) [5]، وهو ما يستشف منه صدق القول بأن [ الفتنة العظيمة الطويلة التي يسميها أهل الأندلس بالفتنة البربرية ولو سموها بفتنة ابن عبد الجبار لكان الأحق والأولى ] [6] .
** سليمان هو شقيق الخليفة هشام ( المؤيد بالله )، نصبه الأمازيغ خليفة باسم المستعين بالله ، وهو الذي تزعم الثورة ، وحارب ابن عمه محمد بن هشام ( المهدي )، ثم أخاه الشقيق هشام ( المؤيد بالله) بعد رجوعه لمنصبه بتأييد من واضح الفتى . ( فهي حرب بين ألأمويين أنفسهم ( المهدي ، والمؤيد ، والمستعين) .
** الفتى واضح العامري، من الصقالبة الذين كانت لهم مكانة في الدولة العامرية ، يحلم بأخذ نصيبه في الحكم، تقلب أدوارا خطيرة في تأييد محمد بن هشام المهدي والانقلاب عليه، وحلم باسترجاع نفوذه متخفيا وراء إعادة الخليفة هشام المؤيد بالله إلى منصبه استعانة بالنّصارى، انتهى أمره بالقتل بعد محاولة التوفيق بين القرطبيين والمهاجمين .
*** فصول الفتنة القرطبية :
ذليلة مقابل الحفاظ على السلطة تمثلت في تنازل الخليفة هشام عن كل الحصون العسكرية الإسلامية في الشمال لصالح القشتاليين المسيحيين، مقابل ضمان تعاونهم مع هشام في الدفاع عن قرطبة ضد قوات سليمان ومناصريه من الأمازيغ .
*** دلائل تشير إلى ميوعة القضية القرطبية :
** واضح الفتى العامري الصقلبي يسيء التقدير بأمره السفهاء تخريب الرصافة حرقا وتدميرا وقطعا لأشجارها خوفا من دخول ألأمازيغ من جهتها، وندم بعدها على الفعلة حيث لا ينفع الندم .
** تفضيل الخليفة هشام ( المؤيد) وحاجبه واضح مفاوضة النصارى بشروط مذلة ( التنازل عن الحصون الشمالية ) بدلا من مفاوضة الخليفة سليمان (المستعين بالله ) ومناصروه من الأمازيغ الذين أحكموا قبضتهم الحصارية على قرطبة، لعل في ذاك التفاوض ما يقضي على الفتنة .
** تأييد أهالي قرطبة التفاوض الذي كان قائما بين نصارى قشتالة والخليفة المهزوم هشام بمباركة من فقهائها الذين اصدروا فتوى تعتبر فيها كل من قتله الأمازيغ شهيد! وهدروا الدم الأمازيغي! فأحد عرب قرطبة “استقبلهم شاهرا سيفه يناديهم: إلي إلي يا حطب النار!!!، طوبى لي إن كنت من قتلاكم، حتى قتلوه[9].
** رفض التفاوض مع سليمان وأتباعه الأمازيغ ، وعقاب كل من حاول وأد الفتنة أو التخفيف من وقعها ، فيذكر ابن عذارى المراكشي عزم الجند والرعية على قتال البربر ( ألأمازيغ ) وعندما حاول الفتى واضح العامري الصقلبي التفاوض مع المُحا صرين دفع روحه ثمنا لتلك المحاولة باجتزاز رأسه والطواف به في طرقات قرطبة ترهيبا للأهاليها الذين يفكرون مفاوضة الأمازيغ وخليفتهم سليمان حقنا لدماء المسلمين، رغم وصول أنباء من الثغور تنصح الأندلسيين القرطبيين بالتصالح أو الجد في الحرب .
** ساهمت السيول الجارفة في خراب قرطبة ، وسقوط الدور والقناطر والمساجد وهلاك أزيد من 5000 قرطبي غرقا أو ردما ، وضاعت الكثير من الأمتعة على مدار ثلاثة أيام .
** مكاتبة سليمان لأهل قرطبة يحذرهم من عواقب الفتنة ، ويذكرهم بما فعلوه بالبربر ( الأمازيغ) من الأذى والفعل القبيح ، وذكرهم بحجج بالغة من مخاطر التعامل مع النصارى .
** اندلاع حريق بسوق الخشابين قبل اجتياح الأمازيغ لها ، فأحرقت أسواق كثيرة ، ونهب العبيد ما لم تمسسه النار ، وأحرقوا جامع الزهراء واستولوا على متاعه ومحتوياته ، وساء حال أهل قرطبة حتى أكل الناس الدم ، وأكل بعض السجناء زميلا لهم مات بقربهم !! ورغم ذلك كله لا زالت ظاهرت الزنا واللواط مباحة عندهم جهارا نهارا .
** إظهار أهالي قرطبة السرور والفرح بوصول المدد النصراني لهم لمنع سقوط المدينة بين يدي خصومهم الأمازيغ. غير أن المدينة سقطت سريعا في يد المهاجمين البربر ( الأمازيغ ) بالزعامة الإسمية لسليمان (المستعين بالله ) .
*** قراءة للحادثة:
يتضحُ مما تقدم أن الأسباب الرئيسية لهذه الفتنة التي عاشت قرطبة فصولها الدامية طيلة سنوات عدة ، تعود إلى خطأ استراتيجي في اختيار الخليفة ، فأسندت لأمير ضعيف لحداثة سنه ، وكثر الطامعون في الحكم ،أو التأثير فيه بشكل أو بآخر ، وهو ما فتح المجال واسعا للتنافس على الريادة، فكانت أسرة آل عامر مستأثرة لحين من الدهر ، إلا أن هبت رياح الفتنة على يد محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي)، والذي أدخل البلاد والعباد بسياسته العنصرية العرجاء، وسوء تقديره للعواقب الناجمة عن استبعاد أكثر العناصر تأثيرا في الدولة سابقا والإساءة لرموزها وأملاكها والاعتداء على مصالحها وتهديد وجودها بالقتل والترويع ، وهو ما فتح جبهة المعارضة واسعا في وجه الخليفة الجديد على يد الأمازيغ باعتبارهم القوة الضاربة في الدولة أيام محمد بن عامر المنصور أثناء غزواته المارطونية ضد المسيحيين ، وهو ما ولد صراعا عنصريا برؤس ثلاثة ، العرب ، والأمازيغ ، والصقالبة ..
وما أذهلني هو غياب الحس الإسلامي في الصراع الذي كانت فيه العنصرية، ورغبة الاستئثار بالحكم، هي البادية والظاهرة على كل المتنافسين ولو على حساب تعاليم الإسلام التي وضعت جانبا، وهو إشارة ضمنية أن حضور المصلحة والمنفعة المادية والمعنوية يلغي القيم الدينية ؟؟؟. وهو ما تجلى في الصراع بين مسلمي الأندلس بعدم الإحتكام للشرع، بل يمكن الجزم أن الفقهاء زادوا الفتنة اشتعالا بما افتوا به، ناهيك عن ضرب عقيدة الولاء والبراء في المقتل، فغدت ظاهرة الاستعانة بالأعداء النصارى سنة ينتهجها كل راغب في السلطة أو البقاء فيها، وهو ما التجأ إليها الخلفاء المتصارعون هشام ، ومحمد المهدي ، وسليمان . الذين تلقبوا بأسماء وألقاب ليسوا أهلا لها من مؤيد بالله ، والناصر ، والمهدي ، والمستعين بالله .. حتى صدق فيهم ماقله الشاعر الأندلسي ابن أبي شرف متحسرًا على حال بلاده في عهد أمثال هؤلاء الملوك قائلا/
وممـا يزهدني فـي ارض أندلـس *** أسمـاء معتمـد فيهـا ومعتـضدٍ
ألقابُ مملكـة فـي غير موضعـها ***كالهرِّ يحكي انتفاخًا صولة الأسدِ.
إذا كان الصراعُ العنصري ، والسلطوي يلغيان القيم الروحية ، فإن حب الملكية والحكم يفسد الود بين الأخوة الأشقاء داخل الأسرة الواحدة ، وهو ما حدث بين الأسرة الأموية ، وبين أشقاء وأبناء عمامة الذين تصدق فيهم عبارة (الأخوة الأعداء )، فكان سليمان شقيقا لهشام ، واستعان كل منهما بالنصارى في قتال أخية .
فتنة قرطبة لم تكن أمازيغية ، فالأمازيغ كانوا طرفا فيها إلى جانب الخليفة سليمان ، وقد يكون طلب الثأر من محمد المهدي عما أقترفه في حقهم هو الدافع للثورة ضد ألأندلسيين القرطبيين من باب العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ، والباديء أظلم .
أما ظاهرة البربرية في عمومها التي بدأت جليه في التخريب والقتل والإعتداء والسلب والنهب ، فهي ظاهرة عامة دشنها الخليفة المهدي بتكليف أوباشه وبلطجيته وجنده بتخريب مدينة الزاهرة ، والاستيلاء على كنوزها ونقلها إلى الزهراء ، كما عاث فقراء المدينة سطوا على الممتلكات العامة والخاصة تحت ذريعة الجوع ، ناهيك عم اقترفه الفتى واضح بحرقة وتخريبه للرصافة خوفا من دخول المهاجمين الأمازيغ من جهتها ، أما الأمازيغ فقد احتوت الكتب الشيء الكثير مما أقترفوه من تعد على أهالي قرطبة ، وهي ظاهرة شائعة يمارسها المنتصر على المنهزم ، يتحمل وزرها الخليفة سليمان باعتباره خليفة عليهم ، ووقعت أحداث مثيلة مشابهة قبلها وبعدها ، منها ما فعله أعراب هلال وسليم عندما دخلوا القيروان دون أدنى مقاومة ورغم ذلك فقد عاثوا فيها فسادا ؟ وتلك صورة من صور البداوة المنغرسة في البشر جميعهم والتي تبرز كلما حانت المناسبة والفرصة ، لأنهم مجبلون عليها.
ومن هنا يمكن القول بأن الفتنة سببها الخليفة محمد (المهدي) ، وغذتها أيادي آثمة طمعا في الدنيا ، ولعب العربُ والأمازيغُ فصولها عن سذاجة وغباوة وجهل دون تقدير لعواقبها الوخيمة التي أدخلت بلاد الأندلس في غيبوبة الانقسام والإندحار ، والتي انتهت فصولها بسقوط غرناطة آخر معقل للمسلمين عام 1492 ، وهي السنة ذاتها التي نجح فيها كريستوف كولمبس اكتشاف العالم الجديد وانتشار المسيحية فيه على أوسع نطاق ، وتلك أيام متداولة بين الناس.!!
أمم الدنيا ساعية إلى عدم اجترار أخطائها ونكساتها وكبواتها إلا نحن معشر المسلمين ، فنكباتنا الأندلسية أعادت نفسها بأساليب أخرى مرارا وتكرارا ، آخرها ما وقع في حرب الخليج من استقدام لقوى خارجية أمريكية وبريطانية لضرب المسلمين بيد خارجية وبتمويل عربي إسلامي ، وبمباركة وفتوى بعض من فقهائه ( ابن باز ) تجيز المحضور ، وما أشبه اليوم بالبارحة .
..شُوِّه الإسلام ُ بمعتقدات فاسدة رسخها العربُ في نفوس المسلمين منها ( الإئمة من قريش ) ثم من العرب قبل غيرهم من المسلمين ، وإن نجحت الفكرة في الأول ، إلا أن زيغها اتضح في التعامل مع آيات القرآن الكريم والسنة الصحيحة التي لا تميز البشر إلا بميزان الصلاح والتقوى، وليس بميزان عنصري سلالي الذي انتهجه بني أمية في دولتهم الأولى والثانية . :كأن لا صلاح ولا تقوى إلا في العرب دون سواهم ، وذاك منهج مغذي للعنصرية، لأن الغلو مهما كان مصدره لا يجابه إلا بغلو مثيل أو أشد .
*** الخاتمة :
إن الفتنة البربرية في قرطبة عم 403 للهجرة / 1013ميلادية ، هي فتنة صاغها عرب بني أمية على يد محمد بن هشام (المهدي)، ونفذها عرب قرطبة وأمازيغييها عن جهل لعواقبها القريبة والبعيدة، وفيها شراكة جمعية يتحمل وزرها الجميع ، وفيها تدنيس جلي لتعاليم الإسلام باسم العنصرية، ولا زال الخطأ طافحا إلى أيامنا هذه بتغليب الفكر ألأحادي الذي ينظر من ثقب الأنا والباقي في الجحيم، وهو إرث سقيم تجاوزه الغرب المسيحي برسم معالم الدولة الوطنية الحديثة التي لا تقيم وزنا للعرق واللون والدين واللغة، وفَسحت المجال واسعا للتحرر الإ نساني بعيد اعن قيود الدين، وطلاسم الفكر السلالي، والحجر اللغوي، فأصبحت قيمة الإنسان تقدر بمدى جهده وتضحياته وإبداعاته في أنتاج يخدم ناسه ومجتمعه والإنسانية جميعها . 1) إعلان خداعيُّ عن وفاة الخليفة هشام وتولية محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي) مكانه ، لأول مرة في تاريخ الأمويين .وتولى الخلافة لفترتين زمنيتين عاث فيهما فسادا واحتقر البربر وقاتلهم عزلا وتنكيلا في قرطبة، وبأمرهِ قُتل شنجول العامري (عبد الرحمن ابن أبي عامر) وحمِل جسده على بغل معروضا عليه ،.. فأمر محمد بن عبد الجبار بشق بطنه ونزع ما فيه وحشوه بعقاقير تحفظه ، وركَّب رأسَه على جسده ، وكسيَ قميصا وسراويل ، وأخرج فَسُمِّر على خشبة طويلة على باب السّدة) [7] ، زيادة عن حرائق عديدة شملت قصر الزاهرة ارتكبها المهدي نكاية في سنجول وآل عامر . 2) استاء المسلمون من أفعاله المنكرة عربيهم وبربريهم وعامريهم وصقلبهم بعد تخريبه الزَّاهرة ونهبها، وأما م خطره هاجر البربر المدينةََ َ واتجهوا صوب الشمال، وتحالف معهم سليمان شقيق هشام الخليفة المخلوع من طرف الملقب بالمهدي، وحاصروا قرطبة مدة يوم ونصف ، انتهى بانهزام المهاجمين أمام صلابة الدفاع ، وبتراجع المهاجمين وانهزامهم ، اقترف المنتصرون جرائم يندى لها الجبين في حق الأمازيغ العزل المتواجدين داخل قرطبة ، قتلا وترويعا ، وتهجيرا واحتقارا ، ويروي المراكشي مرويات عجيبة يشيب منها الولدان، اقترفت باسم العنصرية ، ضد بشر لم يقترفوا ذنبا يُقتلون ويُقًاتلون عليه . 5)الفتى واضح ينقلب على المهدي ويقتله ، ويعيد الأمور على ما كانت عليه في عهد الدولة العامرية بإعادة الخليفة هشام المخلوع سابقا ، والذي امتاز بضعف مستديم في حكمه الذي دام قرابة 33سنة . 6) سليمان بن الحكم ( المستعين بالله ) يدبِّر المكائد للعودة إلى منصب الخلافة في قرطبة ، وحاول الإتصال بملك قشتالة الذي عرف كيف يتصرف بين نزاع الأخوة الأعداء ، فعرض عليه الخليفة الضَّعيف ( هشام المؤيد بالله ) تنازلات مقيته 7) هاجم الخليفة سليمان (المستعين بالله) ومعه الأمازيغ مدينة قرطبة عام 403هجرية ، الموافق ل1012 ميلاية ، ووقعت كارثة عرفت بالتاريخ بفتنة قرطبة ؟ ساهمت فيها ظروف الطبيعة بفيضانها الذي أتى على المدينة ، وعاد سليمان للخلافة بعد عزل وطرد أخيه هشام ( المؤيد بالله) تحت وقع السيوف ، وسيول جارفة من دماء المسلمين ذهبت هدرا دون أي وازع إنساني ولا أخلاقي ولا حتى ديني .ويذكر المراكشي أنه لما أستولي سليمان ( المستعين بالله ) والأمازيغ على قرطبة … كان منهم الحاجب والوزير ، فكان سليمان هذا أول من أقام دولة البرابر ( الأمازيغ ) بقرطبة ، وقد خَتمت دولة بني أمية بالأندلس ) [8] . 8) استمر ت خلافة سليمان ( المستعين بالله) وسط انقسامات وسياسة شد وجذب بين العناصر المتنافسة من حموديين وعامريين ، وصقالبة ، وأمازيغ وغيرها من العناصر المشكلة للمجتمع الأندلسي ، وانتهى الأمر في الأخير إلى إعلان الجماعة عن نهاية الحكم الأموي في الأندلس سنة 422 هجرية الموافق ل/ 1031 للميلاد ،، فكان مبلغها مائتي سنة وثمانية وستين سنة ، وثلاثة وأربعين يوما .( 268 سنة و43 يوما)، أعقبه تأسيس جمهوري في قرطبة تحت أمرة بني جهور ، والتي صاحبها تفكك عام بظهور دويلات عديدة سميت في التاريخ بملوك الطوائف في الأندلس . 3) وبدأت فترة الصِّراع بين (المهدي) المتجبر ، وسليمان الطامح للخلافة كوريث لأخيه هشام ، وبايعه الأمازيغ خليفة باسم(المستعين بالله ) ، استعان سليمان بملك قشتالة المسيحية في حربه مع المهدي الذي حاول إعادة الخلافة لغريمه هشام بعد أن أعلن عن وفاته خداعا ، واستطاع سليمان بمساعدة الأمازيغ أن يدخل قرطبة ويعمل السيف في أهاليها ، ويذكر المراكشي مقتل أزيد من ثلاثين ألف ، وفر المهدي منها بحثا عن المدد والعون من العامريين بقيادة الفتى واضح ، ونصارى مملكة برشلونة للإنتقام من سليمان وأتباعه باستعادة قرطبة.،التجأ الخليفة المهدي ، إلى مملكة برشلونة المسيحية طلبا النصرة ، فقَبل ملكها نصرته بشروط مُذلة للمسلين / تمثلت في /أ- مائة دينار ذهبية عن كل يوم فيه قتال ، ب- دينار ذهبي لكل جندي مسيحي عن كل يوم قتال ج- أخذ الغنائم في حالة الانتصار د- الفوز بمدينة سالم . 4) نجاح محمد المهدي في دخول قرطبة بمعية الفتى واضح ونصرة مسيحي برشلونة له ، وفر سليمان (المستعين بالله) ،واستتب الأمر نسبيا للمهدي بعد عقوبات طافحة ضد المعارضين له داخل قرطبة وما رافق ذلك من تسنجات .
المراجع:
[1] ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 21
[2] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت ص75.
[3] نفس المرجع صفحة .78
[4] حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والأندلس ، دار الرشاد 2004.
[5] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت / ص 82.
[6]نفس المصدر ج3 ص 76.
[7] نفس المصدر ج3 ص 73 .
[8] نفس المصدر ج3 ص 114.
[9]. ابن بشكوال، الصلة، مطبعة روخس، مدريد، 1982، ج2، ص: 460.
كثيرا ما يُشهر سيف التَّزييف والكراهية ضد الأمازيغ بكونهم رأس الفتنة، هذا الوصْف الذي رافقهم طيلة العهد الإسلامي، و كلما حالوا الإبانةَ َ عن نفسهم، أو أخْذ حقوقهم، أو نفضِ الغبار عن ماضيهم الذي شابه الغموض والتزوير، إلا ووصفوا بأشنع الأوصاف وقرئت عليهم آيات اللطيف، وعدوا من أهل الفتنة، وتُبغ الغرب، والطابور الخامس، وأهل الكُفر ..وما شابه .
هذا الماضي الذي اكتوْوا بنيرانه، والذي دفعوا فيه الغالي والنفيس دون الإبانة عن مبلغ التضحية التي قدموها لأرضهم وعقيدتهم، والتي غالبا ما تنضوي وتنسب للعربِ عُنصرية باسم الإسلام، بدعوى أن العربي ممثل سامي للإسلام، والعجيب في الأمر أن العربي الغازي يعتبر المُساواة في الحقوق والوجبات مظْلمة في حقه ، فهم يُمارس سياسة مناهضة للدين العادل، بعدما صاغ أحاديث ملفقة للرَّسول الأعظم غرضُها الأساس الهيمنة والحضوة، وجعل الموالي من العجم تابعة لهالة العرب متشفعة بها، وما عليهم إلا الرُّكوع والإنحناء، وبوس الأيدي واضعين تعاليم الرَّحمن خلف ظُهورهم وتحت أقدامهم.
وما رابني هو قراءتي في بعض الكُتب عن فتنة الأمازيغ في خراب قرطبة، ومسح الخنجر فيهم بدعْوى أنهم أهل بربرية وتخريب وعدوان، وهو ما زاد من فضولي في البحث عن حقيقة هذه الفتنة القرطبية خلال بداية القرن الخامس الهجري وما رافقها من تسنجات، فلم أعثر على مبتغاي لأن جُل ما كُتب، دُوِّن من طرف العرب أنفسهم، وفي خبرهم ميلٌ للفضل العربي ومناصرةٌ مستترة لهم لا لغيرهم، وهم في ذلك مسايرون لطابع ذلك الزمان ، أمثال ابن عذارى ، وابن قيم القرطبي ، أمَّا الناقلون من المؤرخين فقلما يشيرون إلى موقع الداء ، فهم يمارسون الحَجْب والإِظهار تبعا لميولهم وانتماءاتهم ومشاربهم وقناعاتهم وأهوائهم السابقة واللاَّحقة .، وأهم ما وجدته بنوع من التَّوسع تضمنه كتاب ابن عذارى المراكشي في ثنايا كتابه الموسوم بالبيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب في جزئه الثالث .وتناوله المؤرخ الهولندي دوزي في كتابه تاريخ اسبانيا الإسلامية، وحسين مؤنس في معالمه عن تاريخ المغرب والأندلس .
قد يتساءل المرء عن السر في استرجاع الماضي والخوض في مثالبه، واستخراج نواقصه بالرغم من أن جل ما قيل ليس كما قيل، أو كما وقع، لأن فيه إعتماد ظاهر على المروي، وقدرة الذاكرة على التخزين محدودة وآفة النسيان ترهقها، زيادة عن هوى المؤرخ الذي يميل بالحادثة كل الميل إما طمعًا أو ولعًا، أو حبا في خدمة السُّلطان، أوالتملق له بأبخس الأثمان .
إن استرجاع المخزون التَّاريخي خيره وشرهِ مدعاة للتأمل، واكتشاف موضع الخلل في مسيرة الأقوام، لأن الأمة التي لا تستوعب تاريخها تعد ناقصة، ولها قابلية اجترار أخطاء وقعت لها ماضيا، وليس العيب في الوقوع في الخطأ، وإنما العيب الأكبر هو محاولة طمسه أو السكوت عنه، أو التمادي فيه واجتراره باستمرار لدعوة جاهلية، ومن هذا المنطلق سعيت إلى كشف النقاب عن أزمة عصيبة ألمت بالمسلمين جميعهم في الأندلس عرفت في التاريخ بفتنة قرطبة، وصفها ابن بسام بأنها كانت: ( شِداداً نَكِدات صعاباً مَشئؤومات، كريهات المبدأ والفاتحة، قبيحة المُنْتَهَى والخاتمة )[1]
*** سيناريُو الصِّراع في قرطبة :
للتقرب من واقعة قرطبة ونكبتها لا بد من معرفة العناصر الفاعلة والمفعول فيها ، إعتمادا على مصادر نقلت الخبر أو بحثت فيه، وأهم ما وجدناه في المراجع المعتمدة مثبت أدناه :
**الخليفة هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ( المؤيد بالله) (366-401ه ) أمه جارية أم ولد تعرف بصبح، حكمه دام 33 سنة تقريبا، وتحت ملكه نشأت الدولة العامرية، وتعد فترة حكمه من أكثر الحقب دموية في تاريخ الأندلس، وتدحرجت قيمها الحضارية والإنسانية والإسلامية من ذروة مجدها وقوتها وبحبوحة عيشها إلى حضيض الحرب الأهلية الدامية التي لم تبق ولم تذر، ولم يبق للسلطة المركزية وجود وذكر، رغم محاولات تجديدها بأسماء وألقاب ما لها من سلطان، وقد تعاقب على كرسي الخلافة في هذه الحقبة العصيبة ستة أفراد من البيت الأموي، وانتهت فصول الحقبة بإلغاء الخلافةِ تماما في 1031م بإقامة مجلس دولة .
** العامريون( بنو عامر) / بدأ عهدهم ب / بمحمد بن أبي عامر . الذي لقب نفسه بالملك المنصور. و خلفه ابنه عبد الملك الملقب بالمظفر، ثم من بعدهما الملك عبد الرحمن ابن أبي عامر الملقب بسنجول نسبة إلى جده سانشة، والأخير منهم له اليد الطولى في الأزمة، لما أبداه من مجون وعربدة ورغبة في الوُصول إلى منصب الخلافة مجبرا الخليفة الصُّوري على الاعتراف به كولي لعرشه، وهؤلاء الثلاثة كانوا الحكام الفعليين في الدولة لضعف الخليفة هشام بن عبد الملك (المؤيد بالله .) وهو ما يشير الى الفصل بين السلطتين الروحية ( المؤيد بالله ) والزمنية لدولة الحُجاب بزعامة محمد بن أبي عامر وأبنائه من بعده .
** محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي).
ورد في البيان المغرب للمراكشي، بأنه محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، لقب (بالمهدي)، أمه جارية تعرف بمزنة العرجاء لخلع كان بها، اشتهر بالهشاشة والطيش والخفة، وهو سبب بداية الفتنة التي عرفتها قرطبة، عمره 33سنة، ولي مرتين ألأولى( لمدة 9أشهر) يوم خلع هشام، سنة 399، والثانية بعد سليمان ( 49 يوما) بمجموع وصل إلى عشرة أشهر وتسعة عشر يوما . ويذكر كذلك بأنه (أشأم خليفة على وجه الدنيا )[2]، أساء لزاوي بن زيري بن مناد عظيم صنهاجة احتباسا بالباب، ونهبت دورهم بالرصافة، (ولما أراد الله خذلانه مُظهرا البغض للبربر… لا يقدر أن يستر ذلك فكان يتكلم بسوء الثناء عليهم، وبلغهم الخبر بذلك ..) [3]، (لم يكن يملك أية موهبة، كان سفاكا قاسيا منحط النزعات، ولم يهده ذكاؤه إلا شيء غير الاستبداد بالبربر وأذاهم وإهانتهم عقابا لهم على تأييد بني عامر …. ناصب البربر العداء .. يحاول استذلال البربر … أخرج كل البربر الذين كانوا في خدمة المنصور من قرطبة ، فرفض هؤلاء الخروج ، وبدأ الصراع بين البربر والأندلسيين في عاصمة الخلافة )[4] .
وعندما اشْتعلت الفتنة ُ التي غذاها بين العامة في قرطبة (كان ينادي في الناس من أتى برأس بربري فله كذا ..، فتسارع أهل قرطبة قتل من قدروا عليه ….. ونهبت ديار البربر وهُتك حريمهم وسبي نساؤُهم وباعُوهن في دار البنات، وقتلوا النساء الحوامل، وقتل قوم من أهل خراسان وأهل الشام على أنهم بربر .. !!!؟؟ . لذلك هاجر الكثير منهم وناصروا أخيه سليمان، وسبق لمحمد بن هشام أن اتخذ جندا من العامة وأطراف الناس وقربهم وآثرهم على العبيد العامرية وعلى الطائفة البربرية وأساء إلى هذين الطائفيين فستوحشوا منه ) [5]، وهو ما يستشف منه صدق القول بأن [ الفتنة العظيمة الطويلة التي يسميها أهل الأندلس بالفتنة البربرية ولو سموها بفتنة ابن عبد الجبار لكان الأحق والأولى ] [6] .
** سليمان هو شقيق الخليفة هشام ( المؤيد بالله )، نصبه الأمازيغ خليفة باسم المستعين بالله ، وهو الذي تزعم الثورة ، وحارب ابن عمه محمد بن هشام ( المهدي )، ثم أخاه الشقيق هشام ( المؤيد بالله) بعد رجوعه لمنصبه بتأييد من واضح الفتى . ( فهي حرب بين ألأمويين أنفسهم ( المهدي ، والمؤيد ، والمستعين) .
** الفتى واضح العامري، من الصقالبة الذين كانت لهم مكانة في الدولة العامرية ، يحلم بأخذ نصيبه في الحكم، تقلب أدوارا خطيرة في تأييد محمد بن هشام المهدي والانقلاب عليه، وحلم باسترجاع نفوذه متخفيا وراء إعادة الخليفة هشام المؤيد بالله إلى منصبه استعانة بالنّصارى، انتهى أمره بالقتل بعد محاولة التوفيق بين القرطبيين والمهاجمين .
*** فصول الفتنة القرطبية :
ذليلة مقابل الحفاظ على السلطة تمثلت في تنازل الخليفة هشام عن كل الحصون العسكرية الإسلامية في الشمال لصالح القشتاليين المسيحيين، مقابل ضمان تعاونهم مع هشام في الدفاع عن قرطبة ضد قوات سليمان ومناصريه من الأمازيغ .
*** دلائل تشير إلى ميوعة القضية القرطبية :
** واضح الفتى العامري الصقلبي يسيء التقدير بأمره السفهاء تخريب الرصافة حرقا وتدميرا وقطعا لأشجارها خوفا من دخول ألأمازيغ من جهتها، وندم بعدها على الفعلة حيث لا ينفع الندم .
** تفضيل الخليفة هشام ( المؤيد) وحاجبه واضح مفاوضة النصارى بشروط مذلة ( التنازل عن الحصون الشمالية ) بدلا من مفاوضة الخليفة سليمان (المستعين بالله ) ومناصروه من الأمازيغ الذين أحكموا قبضتهم الحصارية على قرطبة، لعل في ذاك التفاوض ما يقضي على الفتنة .
** تأييد أهالي قرطبة التفاوض الذي كان قائما بين نصارى قشتالة والخليفة المهزوم هشام بمباركة من فقهائها الذين اصدروا فتوى تعتبر فيها كل من قتله الأمازيغ شهيد! وهدروا الدم الأمازيغي! فأحد عرب قرطبة “استقبلهم شاهرا سيفه يناديهم: إلي إلي يا حطب النار!!!، طوبى لي إن كنت من قتلاكم، حتى قتلوه[9].
** رفض التفاوض مع سليمان وأتباعه الأمازيغ ، وعقاب كل من حاول وأد الفتنة أو التخفيف من وقعها ، فيذكر ابن عذارى المراكشي عزم الجند والرعية على قتال البربر ( ألأمازيغ ) وعندما حاول الفتى واضح العامري الصقلبي التفاوض مع المُحا صرين دفع روحه ثمنا لتلك المحاولة باجتزاز رأسه والطواف به في طرقات قرطبة ترهيبا للأهاليها الذين يفكرون مفاوضة الأمازيغ وخليفتهم سليمان حقنا لدماء المسلمين، رغم وصول أنباء من الثغور تنصح الأندلسيين القرطبيين بالتصالح أو الجد في الحرب .
** ساهمت السيول الجارفة في خراب قرطبة ، وسقوط الدور والقناطر والمساجد وهلاك أزيد من 5000 قرطبي غرقا أو ردما ، وضاعت الكثير من الأمتعة على مدار ثلاثة أيام .
** مكاتبة سليمان لأهل قرطبة يحذرهم من عواقب الفتنة ، ويذكرهم بما فعلوه بالبربر ( الأمازيغ) من الأذى والفعل القبيح ، وذكرهم بحجج بالغة من مخاطر التعامل مع النصارى .
** اندلاع حريق بسوق الخشابين قبل اجتياح الأمازيغ لها ، فأحرقت أسواق كثيرة ، ونهب العبيد ما لم تمسسه النار ، وأحرقوا جامع الزهراء واستولوا على متاعه ومحتوياته ، وساء حال أهل قرطبة حتى أكل الناس الدم ، وأكل بعض السجناء زميلا لهم مات بقربهم !! ورغم ذلك كله لا زالت ظاهرت الزنا واللواط مباحة عندهم جهارا نهارا .
** إظهار أهالي قرطبة السرور والفرح بوصول المدد النصراني لهم لمنع سقوط المدينة بين يدي خصومهم الأمازيغ. غير أن المدينة سقطت سريعا في يد المهاجمين البربر ( الأمازيغ ) بالزعامة الإسمية لسليمان (المستعين بالله ) .
*** قراءة للحادثة:
يتضحُ مما تقدم أن الأسباب الرئيسية لهذه الفتنة التي عاشت قرطبة فصولها الدامية طيلة سنوات عدة ، تعود إلى خطأ استراتيجي في اختيار الخليفة ، فأسندت لأمير ضعيف لحداثة سنه ، وكثر الطامعون في الحكم ،أو التأثير فيه بشكل أو بآخر ، وهو ما فتح المجال واسعا للتنافس على الريادة، فكانت أسرة آل عامر مستأثرة لحين من الدهر ، إلا أن هبت رياح الفتنة على يد محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي)، والذي أدخل البلاد والعباد بسياسته العنصرية العرجاء، وسوء تقديره للعواقب الناجمة عن استبعاد أكثر العناصر تأثيرا في الدولة سابقا والإساءة لرموزها وأملاكها والاعتداء على مصالحها وتهديد وجودها بالقتل والترويع ، وهو ما فتح جبهة المعارضة واسعا في وجه الخليفة الجديد على يد الأمازيغ باعتبارهم القوة الضاربة في الدولة أيام محمد بن عامر المنصور أثناء غزواته المارطونية ضد المسيحيين ، وهو ما ولد صراعا عنصريا برؤس ثلاثة ، العرب ، والأمازيغ ، والصقالبة ..
وما أذهلني هو غياب الحس الإسلامي في الصراع الذي كانت فيه العنصرية، ورغبة الاستئثار بالحكم، هي البادية والظاهرة على كل المتنافسين ولو على حساب تعاليم الإسلام التي وضعت جانبا، وهو إشارة ضمنية أن حضور المصلحة والمنفعة المادية والمعنوية يلغي القيم الدينية ؟؟؟. وهو ما تجلى في الصراع بين مسلمي الأندلس بعدم الإحتكام للشرع، بل يمكن الجزم أن الفقهاء زادوا الفتنة اشتعالا بما افتوا به، ناهيك عن ضرب عقيدة الولاء والبراء في المقتل، فغدت ظاهرة الاستعانة بالأعداء النصارى سنة ينتهجها كل راغب في السلطة أو البقاء فيها، وهو ما التجأ إليها الخلفاء المتصارعون هشام ، ومحمد المهدي ، وسليمان . الذين تلقبوا بأسماء وألقاب ليسوا أهلا لها من مؤيد بالله ، والناصر ، والمهدي ، والمستعين بالله .. حتى صدق فيهم ماقله الشاعر الأندلسي ابن أبي شرف متحسرًا على حال بلاده في عهد أمثال هؤلاء الملوك قائلا/
وممـا يزهدني فـي ارض أندلـس *** أسمـاء معتمـد فيهـا ومعتـضدٍ
ألقابُ مملكـة فـي غير موضعـها ***كالهرِّ يحكي انتفاخًا صولة الأسدِ.
إذا كان الصراعُ العنصري ، والسلطوي يلغيان القيم الروحية ، فإن حب الملكية والحكم يفسد الود بين الأخوة الأشقاء داخل الأسرة الواحدة ، وهو ما حدث بين الأسرة الأموية ، وبين أشقاء وأبناء عمامة الذين تصدق فيهم عبارة (الأخوة الأعداء )، فكان سليمان شقيقا لهشام ، واستعان كل منهما بالنصارى في قتال أخية .
فتنة قرطبة لم تكن أمازيغية ، فالأمازيغ كانوا طرفا فيها إلى جانب الخليفة سليمان ، وقد يكون طلب الثأر من محمد المهدي عما أقترفه في حقهم هو الدافع للثورة ضد ألأندلسيين القرطبيين من باب العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ، والباديء أظلم .
أما ظاهرة البربرية في عمومها التي بدأت جليه في التخريب والقتل والإعتداء والسلب والنهب ، فهي ظاهرة عامة دشنها الخليفة المهدي بتكليف أوباشه وبلطجيته وجنده بتخريب مدينة الزاهرة ، والاستيلاء على كنوزها ونقلها إلى الزهراء ، كما عاث فقراء المدينة سطوا على الممتلكات العامة والخاصة تحت ذريعة الجوع ، ناهيك عم اقترفه الفتى واضح بحرقة وتخريبه للرصافة خوفا من دخول المهاجمين الأمازيغ من جهتها ، أما الأمازيغ فقد احتوت الكتب الشيء الكثير مما أقترفوه من تعد على أهالي قرطبة ، وهي ظاهرة شائعة يمارسها المنتصر على المنهزم ، يتحمل وزرها الخليفة سليمان باعتباره خليفة عليهم ، ووقعت أحداث مثيلة مشابهة قبلها وبعدها ، منها ما فعله أعراب هلال وسليم عندما دخلوا القيروان دون أدنى مقاومة ورغم ذلك فقد عاثوا فيها فسادا ؟ وتلك صورة من صور البداوة المنغرسة في البشر جميعهم والتي تبرز كلما حانت المناسبة والفرصة ، لأنهم مجبلون عليها.
ومن هنا يمكن القول بأن الفتنة سببها الخليفة محمد (المهدي) ، وغذتها أيادي آثمة طمعا في الدنيا ، ولعب العربُ والأمازيغُ فصولها عن سذاجة وغباوة وجهل دون تقدير لعواقبها الوخيمة التي أدخلت بلاد الأندلس في غيبوبة الانقسام والإندحار ، والتي انتهت فصولها بسقوط غرناطة آخر معقل للمسلمين عام 1492 ، وهي السنة ذاتها التي نجح فيها كريستوف كولمبس اكتشاف العالم الجديد وانتشار المسيحية فيه على أوسع نطاق ، وتلك أيام متداولة بين الناس.!!
أمم الدنيا ساعية إلى عدم اجترار أخطائها ونكساتها وكبواتها إلا نحن معشر المسلمين ، فنكباتنا الأندلسية أعادت نفسها بأساليب أخرى مرارا وتكرارا ، آخرها ما وقع في حرب الخليج من استقدام لقوى خارجية أمريكية وبريطانية لضرب المسلمين بيد خارجية وبتمويل عربي إسلامي ، وبمباركة وفتوى بعض من فقهائه ( ابن باز ) تجيز المحضور ، وما أشبه اليوم بالبارحة .
..شُوِّه الإسلام ُ بمعتقدات فاسدة رسخها العربُ في نفوس المسلمين منها ( الإئمة من قريش ) ثم من العرب قبل غيرهم من المسلمين ، وإن نجحت الفكرة في الأول ، إلا أن زيغها اتضح في التعامل مع آيات القرآن الكريم والسنة الصحيحة التي لا تميز البشر إلا بميزان الصلاح والتقوى، وليس بميزان عنصري سلالي الذي انتهجه بني أمية في دولتهم الأولى والثانية . :كأن لا صلاح ولا تقوى إلا في العرب دون سواهم ، وذاك منهج مغذي للعنصرية، لأن الغلو مهما كان مصدره لا يجابه إلا بغلو مثيل أو أشد .
*** الخاتمة :
إن الفتنة البربرية في قرطبة عم 403 للهجرة / 1013ميلادية ، هي فتنة صاغها عرب بني أمية على يد محمد بن هشام (المهدي)، ونفذها عرب قرطبة وأمازيغييها عن جهل لعواقبها القريبة والبعيدة، وفيها شراكة جمعية يتحمل وزرها الجميع ، وفيها تدنيس جلي لتعاليم الإسلام باسم العنصرية، ولا زال الخطأ طافحا إلى أيامنا هذه بتغليب الفكر ألأحادي الذي ينظر من ثقب الأنا والباقي في الجحيم، وهو إرث سقيم تجاوزه الغرب المسيحي برسم معالم الدولة الوطنية الحديثة التي لا تقيم وزنا للعرق واللون والدين واللغة، وفَسحت المجال واسعا للتحرر الإ نساني بعيد اعن قيود الدين، وطلاسم الفكر السلالي، والحجر اللغوي، فأصبحت قيمة الإنسان تقدر بمدى جهده وتضحياته وإبداعاته في أنتاج يخدم ناسه ومجتمعه والإنسانية جميعها . 1) إعلان خداعيُّ عن وفاة الخليفة هشام وتولية محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب (بالمهدي) مكانه ، لأول مرة في تاريخ الأمويين .وتولى الخلافة لفترتين زمنيتين عاث فيهما فسادا واحتقر البربر وقاتلهم عزلا وتنكيلا في قرطبة، وبأمرهِ قُتل شنجول العامري (عبد الرحمن ابن أبي عامر) وحمِل جسده على بغل معروضا عليه ،.. فأمر محمد بن عبد الجبار بشق بطنه ونزع ما فيه وحشوه بعقاقير تحفظه ، وركَّب رأسَه على جسده ، وكسيَ قميصا وسراويل ، وأخرج فَسُمِّر على خشبة طويلة على باب السّدة) [7] ، زيادة عن حرائق عديدة شملت قصر الزاهرة ارتكبها المهدي نكاية في سنجول وآل عامر . 2) استاء المسلمون من أفعاله المنكرة عربيهم وبربريهم وعامريهم وصقلبهم بعد تخريبه الزَّاهرة ونهبها، وأما م خطره هاجر البربر المدينةََ َ واتجهوا صوب الشمال، وتحالف معهم سليمان شقيق هشام الخليفة المخلوع من طرف الملقب بالمهدي، وحاصروا قرطبة مدة يوم ونصف ، انتهى بانهزام المهاجمين أمام صلابة الدفاع ، وبتراجع المهاجمين وانهزامهم ، اقترف المنتصرون جرائم يندى لها الجبين في حق الأمازيغ العزل المتواجدين داخل قرطبة ، قتلا وترويعا ، وتهجيرا واحتقارا ، ويروي المراكشي مرويات عجيبة يشيب منها الولدان، اقترفت باسم العنصرية ، ضد بشر لم يقترفوا ذنبا يُقتلون ويُقًاتلون عليه . 5)الفتى واضح ينقلب على المهدي ويقتله ، ويعيد الأمور على ما كانت عليه في عهد الدولة العامرية بإعادة الخليفة هشام المخلوع سابقا ، والذي امتاز بضعف مستديم في حكمه الذي دام قرابة 33سنة . 6) سليمان بن الحكم ( المستعين بالله ) يدبِّر المكائد للعودة إلى منصب الخلافة في قرطبة ، وحاول الإتصال بملك قشتالة الذي عرف كيف يتصرف بين نزاع الأخوة الأعداء ، فعرض عليه الخليفة الضَّعيف ( هشام المؤيد بالله ) تنازلات مقيته 7) هاجم الخليفة سليمان (المستعين بالله) ومعه الأمازيغ مدينة قرطبة عام 403هجرية ، الموافق ل1012 ميلاية ، ووقعت كارثة عرفت بالتاريخ بفتنة قرطبة ؟ ساهمت فيها ظروف الطبيعة بفيضانها الذي أتى على المدينة ، وعاد سليمان للخلافة بعد عزل وطرد أخيه هشام ( المؤيد بالله) تحت وقع السيوف ، وسيول جارفة من دماء المسلمين ذهبت هدرا دون أي وازع إنساني ولا أخلاقي ولا حتى ديني .ويذكر المراكشي أنه لما أستولي سليمان ( المستعين بالله ) والأمازيغ على قرطبة … كان منهم الحاجب والوزير ، فكان سليمان هذا أول من أقام دولة البرابر ( الأمازيغ ) بقرطبة ، وقد خَتمت دولة بني أمية بالأندلس ) [8] . 8) استمر ت خلافة سليمان ( المستعين بالله) وسط انقسامات وسياسة شد وجذب بين العناصر المتنافسة من حموديين وعامريين ، وصقالبة ، وأمازيغ وغيرها من العناصر المشكلة للمجتمع الأندلسي ، وانتهى الأمر في الأخير إلى إعلان الجماعة عن نهاية الحكم الأموي في الأندلس سنة 422 هجرية الموافق ل/ 1031 للميلاد ،، فكان مبلغها مائتي سنة وثمانية وستين سنة ، وثلاثة وأربعين يوما .( 268 سنة و43 يوما)، أعقبه تأسيس جمهوري في قرطبة تحت أمرة بني جهور ، والتي صاحبها تفكك عام بظهور دويلات عديدة سميت في التاريخ بملوك الطوائف في الأندلس . 3) وبدأت فترة الصِّراع بين (المهدي) المتجبر ، وسليمان الطامح للخلافة كوريث لأخيه هشام ، وبايعه الأمازيغ خليفة باسم(المستعين بالله ) ، استعان سليمان بملك قشتالة المسيحية في حربه مع المهدي الذي حاول إعادة الخلافة لغريمه هشام بعد أن أعلن عن وفاته خداعا ، واستطاع سليمان بمساعدة الأمازيغ أن يدخل قرطبة ويعمل السيف في أهاليها ، ويذكر المراكشي مقتل أزيد من ثلاثين ألف ، وفر المهدي منها بحثا عن المدد والعون من العامريين بقيادة الفتى واضح ، ونصارى مملكة برشلونة للإنتقام من سليمان وأتباعه باستعادة قرطبة.،التجأ الخليفة المهدي ، إلى مملكة برشلونة المسيحية طلبا النصرة ، فقَبل ملكها نصرته بشروط مُذلة للمسلين / تمثلت في /أ- مائة دينار ذهبية عن كل يوم فيه قتال ، ب- دينار ذهبي لكل جندي مسيحي عن كل يوم قتال ج- أخذ الغنائم في حالة الانتصار د- الفوز بمدينة سالم . 4) نجاح محمد المهدي في دخول قرطبة بمعية الفتى واضح ونصرة مسيحي برشلونة له ، وفر سليمان (المستعين بالله) ،واستتب الأمر نسبيا للمهدي بعد عقوبات طافحة ضد المعارضين له داخل قرطبة وما رافق ذلك من تسنجات .
المراجع:
[1] ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 21
[2] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت ص75.
[3] نفس المرجع صفحة .78
[4] حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والأندلس ، دار الرشاد 2004.
[5] ابن عذارى المراكشي / البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ، ج3 ، دار الثقافة بيروت / ص 82.
[6]نفس المصدر ج3 ص 76.
[7] نفس المصدر ج3 ص 73 .
[8] نفس المصدر ج3 ص 114.
[9]. ابن بشكوال، الصلة، مطبعة روخس، مدريد، 1982، ج2، ص: 460.