Ad

ancient
 
الأحد، 28 نوفمبر 2010

هل انتحل ابن خلدون أصلا عربيا؟

تعتبر شخصية ابن خلدون من أبرز شخصيات المغارب، يتميز بمزاج ناقد يتراوح بين الذاتية والموضوعية، متمردا على التصورات التي كانت سائدة في عصره. وهو صاحب الفضل الكبير في تدوين تاريخ الأمازيغ. فهو مؤرخ الأمازيغ بامتياز ليشكل عمله بالأضافة إلى كتابات هيرودوت -قبله بسبعة عشر قرنا- أهم ما حفظ لنا عن تاريخ الأمازيغيين.

ما يهمني هنا هو أصله على ضوء موقفه من الأمازيغ والعرب. فمن المعتاد أن نسمع أن ابن فرناس وابن بطوطة وابن سينا والخوارزمي علماء عرب، إلا أن ذلك ليس من الحقيقة في شيء. أما القول بأن خلدون ليس عربيا فحالة خاصة. لأنه نفسه قال:"‏ونسبنا حضرموت من عرب اليمن إلى وائل بن حجر من أقيال العرب معروف وله صحبة‏". لكن بالرغم من تصريحه المباشر، فإن البعض شكك في نسبه العربي واعتبره أمازيغيا، لا بل أن البعض اعتبره بربريا حاقدا على العرب. فما هي خلفيات هذا الخلاف؟
إن الحديث عن أصله غالبا ما يكون مصبوغا بشحنة إيديولوجية، فالأمازيغيون يتهمون العرب بتلفيق أصله العربي، وهو شيء خاطئ لأنه هو صرح بعروبته. أما العروبيون فينظرون إلى الشك في أمازيغية ابن خلدون كتهمة من منظار أخلاقي. كيف لا وقد جعله البعض مبتدأ العلوم ومنتهاها. غير أن أخباره لم تحظى بقبول المتعاطفين مع تاريخ العرب، على خلاف محاباته للأمازيغ بشكل مبالغ فيه كما سنرى.

طه حسين:
يتطرق الأستاذ طه حسين في كتابه "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية " (ترجمه للعربية: محمد عبد الله عنان) إلى نسب ابن خلدون في بداية الكتاب فيذكر أن ابن خلدون نفسه شكك في سلسلة النسب التي ذكرها، حيث رأى أن المدة التي حل فيها جده الأول بالأندلس يجب أن تغطي ضعف السلسلة التي ذكرها، بحيث يقول حرفيا "‏لا أذكر من نسبي إلى خلدون غير هؤلاء العشرة ويغلب على الظن أنهم أكثر وأنه سقط مثلهم عدداً لأن خلدون هذا هو الداخل إلى الأندلس فإن كان أول الفتح فالمدة لهذا العهد سبعمائة سنة فيكونون زهاء العشرين ثلاثة لكل مائة كما تقدم في أول الكتاب الأول‏". ليضيف طه حسين بدوره "وإذا كان المؤلف يشك في صحة ذلك النسب فأولى لنا نحن أن نشك في انتساب أول خلدون إلى وائل".

مترجم كتاب طه حسين: محمد عبدالله عنان
يعتبر هذا المؤرخ مشككا في أصل ابن خلدون العربي ويعتبره أمازيغيا حيث قال "« ينتمي -أي ابن خلدون- في الواقع إلى ذلك الشعب البربري الذي افتتح العرب بلاده بعد مقاومة عنيفة وفرضوا عليه دينهم ولغتهم، واضطره بعد طول النضال والمقاومة والانتقاض أن يندمج أخيراً في الكتلة الإسلامية، وأن يخضع راغماً لرئاسة العرب في افريقية واسبانيا حتى تحين الفرصة لتحرره ونهوضه".

عداء ابن خلدون للعرب:
في هذه الفقرة أقتصر على أجزاء من أوجه عدائه للعرب والباقي يمكن قراءته على الشبكة العنكبوتية لمن رغب في ذلك. وفي ما يلي بعضها:
- في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط وذلك أنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب وعيث ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر ويفرون إلى منتجعهم بالقفر ولا يذهبون إلى المزاحفة والمحاربة إلا إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم‏.‏..

- في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم فصار لهم خلقاً وجبلة وكان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة‏.‏ وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له‏.‏..

- أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة والسبب في ذلك أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة فقلما تجتمع أهواؤهم‏...

- في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك والسبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأبعد مجالاً في القفر وأغنى عن حاجات التلول وحبوبها لاعتيادهم الشظف وخشونة العيش فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك وللتوحش...

- حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم وليس في العرب حملة علم لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية إلا في القليل النادر‏.‏ وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته مع أن الملة عربية وصاحب شريعتها عربي‏.‏..

محاباته للأمازيغ:
يتحدث ابن خلدون عن الأمازيغ قائلا:
وأمّا تخَلُّق البربر بالفضائل الإنسانية، وتنافُسهم في الخصال الحميدة، وما جُبلوا عليه من الخُلُق الكريم مرقاة الشرف والرفعة ببن الأمم ومدعاة المدح والثناء من الخلق، من عزّ الجوار، وحماية النزيل، ورعي الذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد، والصبر على المكاره، والثبات في الشدائد، وحسن الملكة والإغضاء عن العيوب، والتجافي عن الانتقام ورحمة المسكين، وبر الكبير وتوقير أهل الدين، وحمل الكل ، وكسب المعدوم وقري الضيف والأعانة على النوائب، وعلو الهمة وإباء الضيم، ومشاقة الدول، ومقارعة الخطوات، وغلاب الملوك، ربيع النفوس من الله في نصر دينه.. فلهم في ذلك آثار ينقلها الخلف عن السلف لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم... وحسْبُك ما اكتسبوه من حميدها، واتّصفوا به من شريفها، أنْ قادتهم إلى مراقي العزّ وارفت بهم على ثنايا الملك حتّى علت على الأيدي أيديهم...
نقد الفرضية الأمازيغية:
ذهب البعض إلى أن ابن خلدون لم يتحامل على العرب وإنما الأعراب. إذ يشيرون إلى أن ابن خلدون كان يقصد الأعراب بكلمته "العرب". عن هذا يقول الأستاذ محمد شفيق:
" وهذا أبو خلدون ساطع الحصري يتمحل لاثبات عروبة ابن خلدون بالادعاء أن ابن خلدون إنما كان يقصد ب »العرب » الأعراب (دراسات عن مقدمة ابن خلدون)، ويتغافل عما جاء في المقدمة نفسها، يُظهِر أن ابن خلدون كان يميٌز جيدا بين مفهومي « العرب « و »الأعراب »،لأن تكوينه الديني كان يتطلب منه ذلك (المقدمة، ص 217 ،216 ؛ معجم الفاظ القرآن الكريم، مادة: عرب).
وذهب البعض الآخر إلى أنه لم يكن من داع ليزيف ابن خلدون نسبه لأنه عاش في عصر انتهى فيه عصر السيطرة العربية على المغرب. لكن هذا يفترض ان انتحال النسب العربي كان منتشرا تحت حكم العرب، في حين أن انتحاله كان بغض النظر عن السيطرة العربية أداة سياسية للرقي في السلم الاجتماعي والسياسي، فمحمد ابن تومرت الذي انتحل نسبا عربيا عاش في عصر المرابطين الأمازيغ.

وفي مقال على صحيفة الأهرام يذكر المؤرخ يونان لبيب رزق أن أركون يخالف الأستاذ طه حسين الذي رأى أنه أمازيغيا، إذ أنه مغاربي بالمنشأ، مصري بالمسكن، عربي بالجذور، ويضيف أنه -أركون- أعطى تفسيرا لاسمه حيث رأى أنه صيغة مركبة من "الدون" (أي السيد) وخالد. وأنه تم تحريف الأسم إلى أن أصبح على صيغة خلدون على شاكلة أسماء أندلسية أخرى كحمدون وعبدون وزيدون.

هل يكون الإسم أمازيغيا؟
شخصيا ألاحظ أن هناك تشابه بين اسم خلدون واسم امازيغي قديم "جيلدو"، فهذا الأسم كان منتشرا في الطبقة الأرستوقراطية الأمازيغية، "وجيلدون" أحد صيغه. ونحن نعلم أن الكلمات التي كان أصل حرف من حروفها جيما تنقلب خاء في اسبانيا، ومن أمثلتها الأسم الذي ينتشر بين المغاربة "قرطاخنة" (يرتبط دلاليا عند بعض المغاربة بأرض بعيدة)، وأصل هذا الأسم هو مدينة قرطاجنة الفينيقية التي أسست بإسبانيا. وغيرها نجد "غوادا لاخارا" التي أصلها واد الحجارة". ومن حقنا أن نتساءل حول المعنى العربي فهل عظم الأسبان الأسماء عبر إضافة كلمة "دون" إلى آخر الكلمة؟ شخصيا اعتقد أن هذا الزعم مناف للواقع، فكلمة الدون (السيد) لا تضاف إلى آخر الكلمة وإنما تسبقها، وكان الأحرى أن يقال "الدون خالد". ثم أنه لا مجال لافتراض علاقة بين خلدون والدون. ف"دون" التي نجدها في خلدون وزيدون وعبدون.. لا توحي البتة أن الأمر يتعلق بإضفة كلمة إسبانية -الدون-، فالدال أصلي في كل تلك الأسماء، بل الواقع أن الأحرف المضافة هي "ون". ف"حفص" تصبح حفصون وليس "حفصدون".

ختاما يبقى تناول أصل ابن خلدون خاضعا لخلفيات قومية، وربما سيبقى الأشكال مطروحا إلى ما لا نهاية. والأهم من هذا كله أنه ساهم بشكل مهم في تدوين تاريخ القبائل والدول الأمازيغية. وأنه لولا إسهاماته لغاب عنا الكثير، ولكان تاريخ الأمازيغ إبان العصر الوسيط ميدانا للأساطير والتجاذبات التي تطبعها خلفيات إيديولوجية، بالرغم من ابن خلدون لم يكن معصوما من كل التصورات التي حكمت عصره، وهو ما ينطبق بشكل أقوى حول كتابات هيرودوت. بالرغم من تبرئهما بين الفينة والأخرى من الآراء المنشره واعتبارها مجرد مزاعم.
Read more...
0 التعليقات

ليبيا القديمة هي شمال إفريقيا وليست ليبيا الحالية

قد يحلوا لبعض الليبيين أن يتحدثوا عن تاريخ ليبيا المجيد ما دام يسمى ليبيا لكن لو ذكرتهم أن سكان ليبيا القديمة هم الأمازيغ، بدأوا يغمغمون ويقمقمون أن تاريخ الأمازيغ متخلف ووثني وما إلى ذلك. لكن مهما كان تاريخنا فتاريخ ليبيا هو تاريخنا وليبيا القديمة هي إفريقيا وليست ليبيا الحالية. فالأولى معروفة منذ عهد هيرودوت وتقابلها عبارة المغرب الكبير أو تامزغا. أما ليبيا الحالية فتجد تسميتها عند الاستعمار الأيطالي. وفي ما يلي خارطة ليبيا في العالم القديم حسب تصور المؤرخ الأغريقي هيرودوت:


Read more...
0 التعليقات

هل أصبح الإسلام جناحا إيديولوجيا للعروبة؟

قلنا ما في تعليقنا على موضوع منقول عن مركز دراسات جهاد الليبيين أن إغفال اسم الأمازيغ هي سياسة واعية من مؤرخي الأنظمة العروبية، فالكتاب الأخضر يقول أن الأمازيغ عرب ويقول كاتبه أن الأمازيغ اتقرضوا! ولو قال تعربوا لقلنا نعم، لكن ماذا تعني انقرضوا؟!
لذلك فلا تتعجب أيها المتابع لو قرأت كتابا عن شمال إفريقيا ولم تجد ذكرا مباشرا للأمازيغ، فأغلب الكتب والأعمال تتجاهلهم بشكل صريح، لأن ذكرهم ذو طابع سياسي وعرقي وأشياء أخرى لم يطلع عليها إلا الأولياء المخولون بسرد الغيبيات. هذا على عكس المغرب العربي والمريخ العربي والتفوق العربي وكل شيء عربي لأننا عرب رغما عنا.. فلا سياسة ولا عرقية ولا شوفينية في ذلك. لأن العرب مسلمون يكذبون بلا خجل ولا حياء على الرسول فيقولون أنه قال "ليست العروبة بأم منكم أو أم، وإنما العروبة عروبة اللسان" فمن تكلم العربية فهو عربي. ونحن هنا نطرح بعض الأسئلة الساذجة:
- هل أمر الله نبيه أن ينشر العروبة بعد أن أكمل الأسلام دينا؟
- هل يمكن تطبيق القياس على هذه القاعدة الصادرة عن فقهاء العروبة لنقول أن من تحدث الفرنسية أو الأنجليزية أو الأسبانية فهو فرنسي أو إنجليزي أو إسباني؟ أم أن هناك قاعدة فقهية (من فقه العروبة) أخرى تحرم القياس على هذه الحالة وتعتبرها مقتصرة على العروبة فقط، فربك يؤتي فضله من يشاء.
- هل سيصدِّر مشايخة القومية العربية حديثا جديدا يفيد أن "العروبة ليست بأم منا أو أم وإنما العروبة عروبة الأذن فمن سمع العربية فهو عربي"؟

لا شك أنها أسئلة سخيفة والأجابة عنها سخافة ما بعدها سخافة، لكن لما انتشر هذا الحديث المكذوب (وليس الضعيف كما يروي التابعون لمشايخة العروبة)؟ لأنهم لا يرون في الأسلام غير العروبة، فهم يعتبرونه فخر العروبة وإنتاجها. ومن هنا نفهم كيف يستسيغ الأسلامويون منع الحقوق الأمازيغية باسم الأسلام ومحاربة العلمانية.
إذا ما اعتبر العروبيون الأسلام جناحا إيديولوجيا، فأن التاريخ جناح علمي لها، فما أسهل أن يطوعوا التاريخ وعلم اللغات لأهدافهم "المقدسة" ليثبتوا أن الأمازيغ عرب تاريخيا ولغويا والمعربون أشراف من سادة قريش دعا لهم هبل بنسل مبارك فأغرقوا العالم فراخا عربية من دم نقي. أما الأمازيغ فكائنات غريبة وعديمة الحياء لأنها تعكر نقاء عالمهم العربي من الأقليات الغير المُعرَّبة. لذا فإن أكبر خدمة يمكن أن تقدمها الأقليات المتبقية هي أن تخصي نفسها حتى ينعم العروبيون براحة البال.

لكن العلم ليس عروبيا، فالذي يعتقد أن العالم حاقد على عروبته عندما يستهزئ من تسييس التاريخ، هو إنسان تابع فكريا، مهمته في المجتمع هو أن يكون تشكيلة نكرة ضمن القطيع، لا يحتاج إلا لدعاية أقوى ليعلن الولاء لهاة ويتبنى سخافاتها معتقدا أنه محارب أسطوري فاعل في إيديولوجيته الجديدة ويبدأ مرحلة أخرى من استعداء الآخر ليصدق أوهامه بدون نقد يؤرقه مادام قد اغلق الأبواب وأصم الآذان حتى إشعار آخر.
ومن يآخذ علينا تنديدنا بالشوفينية العربية، نسأله إن كان يبدي نفس التحفظ والحساسية عندما يتم التنكيل الدعائي بالأقليات باسم الوطنية أو العلم أو الدين، فإن كان جوابه ايجابيا (بصدق مع نفسه) فنقول له أننا لا نهاجم العروبة ولا العرب (ولا يعني هذا انضوائنا تحت لوائها) وإنما نهاجم الشوفينية التي تهاجمنا، فمن كان جوابه سلبيا فنحن لن نعتذر له باعتباره طرفا في الشوفينية والسذاجة العروبية.
Read more...
2 التعليقات
الجمعة، 26 نوفمبر 2010

الأمازيغ القدماء من خلال المصادر الأثرية والتاريخية القديمة

تعليق أزرو: هذا البحث قيم للغاية بالنسبة لتاريخ الأمازبغ، فلا تنخدع بغياب الحديث بشكل مباشر عن الأمازيغ، فكل ما ذكر أسفله يتعلق بالأمازيغ القدماء من طنجة إلى سيوة. أما اسم ليبيا فمأخوذ من الاسم القديم الذي كان يشمل كل أراضي الأمازيغ. وإذا كان الليبيون يفضلون اسم ليبيا عند الحديث عن تاريخ الأمازيغ، فإن المغاربة يفضلون الحديث عن المغاربة والمغرب القديم لما لكل مفردة من ارتباطات سياسية وقطرية حديثة واضحة.


الليبيون القدماء
من خلال المصادر الأثرية والتاريخية القديمة
د. محمد علي عيسى
أستاذ الآثار والحضارات القديمة
قسم التاريخ-كلية الآداب-جامعة الفاتح
المصدر: مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية

لقد رأى (هيرودوت) أن ليبيا تمتد من حيث تنتهى مصر الغربية. وقد حدد ساحل ليبيا الشمالى بما يلى بحيرة مريوط الى رأس (سولوجوس) (رأس سبارتل) جنوبى طنجة على المحيط الاطسى(1). وقد اشار بان المجموعات السكانية التى تقيم على امتداد هذه المنطقة كلها تنتمى الى ارومة واحدة وهى موزعة على مجموعات من القبائل عدا الاجزاء التى يقيم بها الاغريق والفينيقيين(2). وقد جعل (هيرودوت) بحيرة (تريتونيس)-والتىتقع على الأرجح عند خليج قابس-الحد الفاصل بين مجموعتين من الليبيين احدهما تعيش الى الغرب من البحيرة وتتألف من زراع آلفوا حياة الاستقرار والاخرى تعيش الى الشرق من البحيرة وتتألف من بدو رعاة(3). ونلاحظ ان (هيرودوت) لم يفرق بين هذه المجموعات الليبية من حيث الجنس وانما من حيث اختلاف نوع حياة كل منهما عن الاخرى. ويبدو بوضوح ان هذا التمييز جعل العلماء المحدثون يقسمون ايضا الليبيون القدماء الى مجموعتين : ليبيون شرقيون وليبيون غربيون(4). ولم تقتصر ليبيا لدى(هيرودوت)على المنطقة الساحلية فقط بل انه ضم اليها الواحات والصحراء. وقد اشار الى ذلك بكل وضوح فى الكثير من فقرات كتابه الرابع حيث يقول : "لقد تحدثت فى السابق عن الليبيين الرعاة الذين يسكنون على ساحل البحر ولكن اسفل هذه المناطق توجد مناطق ترتادها الوحوش المفترسة. واسفل المنطقة السابقة يوجد شريط رملى يمتد من طيبة فى مصر حتى اعمدة هرقل(مضيق جبل طارق). وتقع على هذا الشريط الرملى روابى تحيط بها الرمال ويتوسط كل واحدة نبع يقدف ماءا باردا عذبا. وحول هذه الروابى يقيم السكان مضاربهم(5). وقد اشار(هيرودوت)الى ان هذه الروابىكثيرة وتبعد عن بعضها البعـض مسيرة عــشرة ايام. ومما لاشــك فــيه ان الروابى التى يقصدها هــى الواحات الكثيرة التى تنتشر على طول المنطقة الداخلية من ليبيا. وبالفعل فقد ذكر(هيرودوت)البعض من هذه الواحات مثل : واحة (الامونيين) ويعنى بهم الذين يعبدون الاله(امون) وهـم سكان واحة سيوة. ثـم ذكــر سكان واحة اوجلــة وواحات الجرامنت(6). وقد اشار(هيرودوت) بان خلف هذا الشريط الرملى الذى يضم العديد من الواحات توجد الاجزاء الجنوبية والداخلية من ليبيا والتى هى صحراء حيث لا يوجد بها لا الماء ولا الحيوانات ولا المطر ولا الاشجار ولا أى اثر لحياة بشرية(7). وعليه نستطيع ان نعمم اسم ليبيا والليبيون القدماء على كل شمال افريقيا والصحراء الكبرى.

ويطلق على هذه المنطقة اليوم اسم المغرب العربى وتنقسم الى خمسة اقطار وهى : ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. وتسهيلا لدراسة هذه المنطقة خلال عصورها التاريخية القديمة اطلقنا عليها اسم المغرب القديم. والجدير باالذكر ان العلامة ابن خلدون فى كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر قد سبقنا الى اطلاق هذا الاسم على هذه المنطقة منذ اكثر من سبعة قرون مضت(8) وبالتالى فان ليبيا والليبيون القدماء هى نفسها المغرب القديم وسكان المغرب القديم ولذلك فاننا عندما نتحدث عن الليبيين القدماء فاننا نقصد الحديث عن منطقة المغرب القديم وعن سكان المغرب القديم فى العصور القديمة.

يمكن التعرف على الليبيين القدماء من خلال قسمين من المصادر الأثرية والتاريخية : المصادر المصرية القديمة التي تمتد منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى مجئ الإغريق إلى منطقة الجبل الأخضر وما حوله في القرن السابع قبل الميلاد والمصادر الإغريقية والرومانية والبيزنطية التي تمتد منذ مجئ الإغريق، وحتى الفتح الإسلامي العربي في القرن السابع الميلادي ونلاحظ من خلال هذه المصادر -خاصة المصادر الأولى- أنها كتبت من جانب واحد وهو الجانب غير الليبي وهى بذلك لا تخلو من مبالغة وتحيز خاصة أن الحفريات الأثرية في الفترة الأولى وهى الفترة ذات العلاقة بالمصريين القدماء لم تمدنا بمعلومات ذات قيمة نستطيع من خلالها كتابة تاريخ متسلسل لهذه المنطقة فى حين أن المصادر الثانية وهى المصادر الإغريقية والرومانية رغم أنها هى الأخرى كانت من الجانب الإغريقى والروماني فقط إلا أن الحفريات الأثرية أثبتت الكثير من القضايا الهامة من تاريخ هذه المنطقة فى تلك الفترة.

اولا- المصادر المصرية القديمة:

يمكن تقسييم المصادر المصرية القديمة حسب مراحل تاريخ منطقة وادي النيل فى العصور القديمة إلى عدة أقسام وهى :

أ-وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات : نلاحظ على هذه المصادر أنها عبارة على مناظر عامة منقوشة لا تصحبها نصوص كتابية لأن الكتابة الهيروغليفية فى ذلك الوقت لم تكتمل عناصرها بعد وهذه المصادر هى :

1-مقبض سكين جبل العرق : عثر على هذا المقبض تجاه نجع حمادي باالصحراء الشرقية.تمثل الرسومات التى على هذا المقبض رجال لهم خصلة مـن الشعر على شكــل ظفيرة ويلبسون كيس العورة وهى صفات يتخذها الباحثون علامات مميزة لليبيين القدماء فى ذلك الوقت.

2-لوحة الصيد او ما يعرف بلوحة الأُسود: تصور هذه اللوحة عدداً من الرجال يحملون الاقواس والحراب وعصي الرماية وحولهم حيونات كثيرة للصيد ويزينون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة ولهم ديول تتدلى من قمصانهم وكل هذه الصفات اتخدها الباحثون كعلامات لليبيين القدماء وهى من العلامات التى شاهدناها بكثرة فى الرسوم الصخرية بالصحراء الكبرى وهى رسوم ترجع لعصور ما قبل التاريخ.

3-لوحة التحنو : وتعتبر هذه اللوحة أهم الشواهد الأثرية التى تدل على الليبيين القدماء وقد عثر عليها فى ابيدوس فى مصر العليا وقد استطاع العالم الألمانى تاسيتى من خلال هذه اللوحة أن يميز العلامة الهيروغليفية التى تدل على التحنو نجد على أحد وجهى هذه اللوحة رسومات تمثل سبع مدن محصنة متحالفة استطاع أن ينتصر عليها الملك. أما على الوجه الآخر فنجد ثلاثة صفوف تمثل ثيران وحمير وأغنام وأسفلها أشجار زيتون بالقرب منها العلامة الهيروغليفية التى تدل على التحنـو.

4-لوحة التوحيد: لقد ظهر اسم التحنو خلال الأسرة الأولى (3400- 3200 ق.م.) فى عهد الملك نعرمر على أسطوانة من العاج تعرف باسم لوحة التوحيد. ويبدو الملك فى هذا النقش وهو يضرب مجموعة من الأسرى الجاثمين نقش فوقهم عبارة تحنو باللغة الهيروغليفية ولقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه اللوحة فنجد برستد يعبر عنها ب(نعرمر ينتصر على الليبيين) في حين نجد (دريتون) و(جاردنر) يعبر عن هذه اللوحة ب (نعرمر ينتصر ويهزم سكـان الوجه البحري وهو يوحد القطرين). ونلاحظ أن جميع هؤلاء الباحثين على صواب لأن الكثير من العلماء يعتقد أن نعرمر استطاع توحيد منطقة وادي النيل بعد أن طرد منها الليبيين الذين كانوا يقيمون في الوجه البحري والملفت للنظر هنا أنه لا يمكن التمييز بين صور وأشكال أهل الدلتا في هذه اللوحة وبين التحنو أو الليبيون الذين ميزتهم الرسوم المصرية القديمة بأنهم اشخاص ملتحون ويزينون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة وتتدلى من قمصانهم القصيرة ذيول (9).

ب-وثائق الدولة القديمة(2900-2280ق.م.): يلاحظ على هــذه الوثائق بأنهـا ابتداء مـن الدولة القديمة أصبحت تدون عن طريق الكتابة الهيروغليفية ففى بعض الأحيان تكون النصوص مختصرة وفى أحيان أخرى تكون مفصلة إلى أبعد الحدود ويمكن تقسيمها على النحو الاتى :

1-نص الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة على حجر بالرمو : ويفيد النص أن الملك سنفرو قاد حملة ضد التحنو وأسر منهم 1100 أسير واستولى على 13100 رأس من الماشية والاغنام.

2-نصوص الملك سحورع من الأسرة الخامسة على جدران معبد الملك سحورع: لقد زودتنا هذه النقوش بمعلومات وافية عن التحنو خاصة فيما يتعلق بسماتهم البشرية وملابسهم وبعض الميزات الأخرى التى تذكرنا بصور الليبيين القدماء التى استقيناها من وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات.

3-نصوص أونى حاكم الجنوب: يذكر أونى حاكم الجنوب على جدران مقبرته فى أبيدوس بأنه قاد جيشا ضد بدو آسيا فى عهد الملك بيبى الأول (الأسرة السادسة) وكان يتكون الجيش من العديد من سكان الجنوب ومنهم سكان بلاد التمحو ويبدو أن هذه الإشارة أول ذكر لقبائل التمحو.

4-نصوص حرخوف حاكم وقائد القوافل فى الجنوب (الأسرة السادسة): لقد وصف حرخوف من خلال النصوص التى تركها على جدران مقبرته فى الفنتين رحلاته إلى إقليم يام فى النوبة وأنه تقدم حتى وصل بلاد التمحو التى تقع فى الجنوب الغربى من النيل.

ج - وثائق الدولة الوسطى ( 2060 -1785 ق.م.)

لم تكن الوثائق التى تتحدث عن الليبيين خلال هذه الدولة كثيرة وإن وجدت، فيشوبها بعض الغموض وأهم وثائق هذه الدولة التى تتعلق بالليبيين هى :

1-حكاية سنوهى، وهو أحــد رجال البلاط فى عهد الملــك منتوحتب الاول (1991-1961قبل الميلاد): لقد ذكر سنوهى أن سنوسرت ابن الملك منتوحتب الأول خاض حربا ضد التمحـو ويرى المؤرخون أن هــذه الحرب توجت بالنصر والدليل على ذلك مــا ذكــره(ديودورس الصقلى) بأن سنوسرت الأول قد أخضع الشق الأكبر من ليبيا (10).

2-مخلفات المجموعة السكانية التى يطلق عليها المجموعة ج : لقد عاصرت هذه المجموعة السكانية الدولة الوسطى وقد القت المخلفات التى تعود لهذه المجموعة بعض الضوء عن العلاقات التى كانت بين الليبيين وجنوب منطقة وادى النيل. ويرى بعض العلماء فى هذه المجموعة السكانية بأنها فرع جنوبى للتمحو او كليبيين جنوبيين.

د-وثاثق الدولة الحديثة (1580 -1085 ق.م.):

لقد خلفت لنا الدولة الحديثة أكبر قدر من الوثائق التى تتمثل فى النقوش والصور، والتى من خلالها تعرفنا على مجموعات كثيرة من الليبيين قبل هيرودوت أى خلال القرنين الثالث عشر والثانى عشر ق.م ويمكن تلخيص هذه الوثائق الكثيرة على النحو الآتى :

1-وثائق مقابر طيبة فى عهد الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث: لقد احتفظت لنا بعض مقابر طيبة فى الفترة مابين 1490 - 1447 ق.م بصور تمثل تسديد الجزية التى قدمت من بعض القبائل الليبية فى الواحات البحرية.

2-رسومات معبد الكرنك: وهي تعود إلى عهد الملك سيتى الأول والتى تشير إلى هجمات خطيرة قامت بها قبائل التحنو وقد تم الإشارة إلى مثل هذه الهجمات أيضاً فى عهد رعميس الثانى من خلال نقشين عثر على أحدهما فى معبد بيت الوالى والآخر فى معبد ابى سمبل والنقشان يتحدثان عن صد هجمات قبائل التحنو لقد شكك بعض الباحثين فى حقيقة هذه الهجمات الخطيرة التى قامت بها قبائل التحنو، وصدها من قبل ملوك سكان منطقة وادى النيل وقد رأى هؤلاء الباحثين فى هذه الرسومات مجرد تكرار وزخرفة للمعابد الفرعونية عن طريق إحداث سابقة مرت منذ زمن بعيد (11).

3-نقوش مسلات رعمسيس الثانى التى اكتشفت فى مدينة تانيس: تشير هذه النقوش إلى استعانة رعمبسيس الثانى بوحدات عسكرية ليبية تم ضمها للجيش المصرى.

4-نقوش معبد الكرنك وعمود القاهرة ولوحة اتريب وانشودة النصر: هذه المصادر الأربعة تحدثت جميعها -كما يرى بعض الباحثين- عن انتصار الملك مرنبتاح (الأسرة التاسعة عشر ) على التحالف الذى يضم كل من الليبو والقهق والمشوش مع شعوب البحر التى تتمثل فى خمسة اقوام وهم ( الأقاواشا) و(التورشا) و(الشردان) و(اللوكا) و(الشكلش). ويرى فيهم الباحثون على الترتيب (الآخيين) و(الاترسكيين) و(السردينين) و(اللوكيين)و(الصقليين)(12) وقد توجه هؤلاء جميعا نحو الدلتا لاحتلالها لغرض الاستقرار بها وكان يقودهم فى هذا الهجوم زعيم قبيلة الليبو مرى بن أدد.

5-بردية هاريس الكبرى: وهي بردية يصل طولها أكثر من أربعين متر وعرضها حوالى 42 سنتمتر، تتحدث هذه البردية عن هجوم قبائل الليبو على منطقة الدلتا ويفهم من خلال هذا النص أن السبب فى هذا الهجوم أن الفرعون أراد أن يفرض على الليبيين ملكا منهم رباه فى قصره ولكن الليبيين رفضوا هذا الحاكم لأنهم رأوا فيه الفرعون نفسه.

6-نقوش ولوحات معبد رعمسيس الثالث الجنائزي بمدينة هابو الواقعة فى طيبة الغربية: تتحدث هذه اللوحات والنقوش عن هجوم قامت به قبيلة المشوش ضد منطقة وادى النيل وقاد هذا الهجوم زعيم المشوش كبر وابنه مششر وتعتبر بردية هاريس ونقوش ولوحات معبد هابو التى دونت فىعهد رعمسيس الثالث آخر الوثائق الهامة التى تتحدث عن القبائل الليبية القديمة التى احتكت بمنطقة وادى النيل فى العصور القديمة.

الليبيون القدماء من خلال المصادر المصرية القديمة:

نستطيع من خلال سردنا للمصادر المصرية القديمة أن نقسم المجموعات الليبية القديمة التى وردت بهذه النصوص،حسب تسلسلها التاريخى إلى الجماعات الآتية :

1-التحنو: تقع بلاد التحنو إلى الغرب من مجرى وادى النيل لأنها تذكر دائما فى النصوص المختلفة عندما تذكر اسماء البلاد التى تقع إلى الغرب من مصر ويرى الدكتور أحمد فخرى -استنادا على أراء علماء آخرين- بأن بلاد التحنو كانت تمثل الفيوم والواحات ووادى النطرون وبرقة. وقد رأى (فرانسوا شامو) بأن بلاد التحنو تشمل كل المناطق الواقعة غربى وادى النيل بما فى ذلك الأقاليم الجنوبية(13). ونلاحظ أنه ابتداء من الأسرة الخامسة من الدولة القديمة وحتى الأسرة الثامنة عشرة أصبحت كلمة تحنو تدل على ليبيا والليبيين القدماء عامة(14). ويرى العالم الألمانى (هولشر) بأن قبائل التحنو كانت تعيش فى دلتا النيل ثم طردهم مـن هــذا الإقــليم الخصيب ملــوك منطقــة الوجه البحرى،عندما تم توحيده مع منطقة الوجه القبلى(15). ويبدو أن هذا الأمر صحيحا، ومما يؤيد ذلك ما ذهب إليه (جاردنر) من أن صور التحنو تظهر فى النقوش المصرية القديمة وكأن بينهم وبـين المصريين القدماء قــرابة وثيقة، وتتضح هــذه القــرابة من خلال ملابسهم التى تتفق تماما مع الملابس المصرية حيث كانوا يعلقون بهذه الملابس ذيولاً مثل التى كــان الفراعنة يعلقونها ويحلون جباههم بخصلة مــن الشعر تحاكى صورة الصل المقدس عند ملوك الفراعنة وتبدو هذه القرابة واضحة أيضاً من خلال سماتهم البشرية، حيث كانوا سمراً مثلهم مثل المصريين كما كانوا يخنتون مثلهم كذلك وكانوا يضعون قرابا لستر العورة مثلهم مثل المصريين فى عصور ما قبل التاريخ ومن هذه القرائن المختلفة توصل بعض العلماء إلى أن المصريين القدماء يرجع أصلهم إلى الليبيين القدماء حيث يؤكد هؤلاء العلماء بأن المصريين وفدوا على وادى النيل منذ وقت مبكر بوصفهم صيادون ورعاة ماشية ثم أصبحوا فيما بعد زراع مستقرون، وبدون شك فإن المقصود هنا بالليبيين القدماء هم سكان الصحراء الكبرى، الذين وصلوا فى فترة العصر الحجري الحديث إلى مرحلة حضارية متقدمة، وقد أشرنا فيما قبل إلى أن الفضل يرجع إليهم فى انتقال الرعى والزراعة نحو وادى النيل فى البداية ثم فيما بعد إلى بقية شمال إفريقيا.

2-التمحو: يرى (جاردنر) أن بلاد التمحو تمتد على الحدود الغربية لمصر حتى طرابلس غرباً والنوبة جنوبا فى حين يرى أحمد فخرى بأن التمحو كانوا قد تمركزوا فى نفس موطن التحنو بعد أن سيطروا عليهم بالإضافة إلى سيطرتهم على الواحات ذات الأرض الخصبة المنتشرة إلى الغرب من وادى النيل ويرى أنهم انتشروا جنوبا حتى دار فور(16). أما عن أصل التمحو فقد ظهرت فى هذا الموضوع نظريتان : يرى أصحاب النظرية الأولى بأن التمحو جاءوا مهاجرين من قارة أوروبا إلى شمال افريقيا ثم توغلوا إلى الجنوب ويروا بأنهم ينحدرون من قبائل الوندال أو أى جنس شمالى آخر ويستند أصحاب هذه النظرية كدليل علىذلك من خلال السمات التى يمتازبها التمحو عن بقية الليبيين مثل : الشعر الأصفر والعيون الزرقاء والبشـرة البيضاء ولكن هذه النظرية لا تستقيم مع ما اثبتناه أعلاه من وجود هذه المجموعة السكانية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء فى الصحراء الكبرى منذ الألف السادسة قبل الميلاد وتتعارض مع ما أكدت عليه البحوث الأثرية عن عدم استعمال الإنسان للبحر قبل الألف الخامسة قبل الميلاد، بالإضافة إلى عدم وجود أيــة قرائن تـفيد بأن المجموعات السكانية الأوروبيـة وصلـت منطـقة الـصحراء الكبرى كمهاجرين فى أى فترة من فترات التاريخ القديم، والجدير بالذكر أن أول اتصال أوروبى بمنطقة شمال افريقيا كان فى حدود نهاية الألف الثانية قبل الميلاد مع وصول المجموعات المعروفة باسم شعوب البحر الذين حاولوا الاستيطان فى منطقة وادى النيل وكما هو معروف لدى الجميع فان تلك المحاولة لم يصادفها النجاح على كل حال أما أصحاب النظرية الثانية فيروا بأن التمحو هم مواطنون افريقيون سلكوا طريقهم من الجنوب الغربى من الصحراء متجهين نحو الشمال والشمال الشرقى ويرى بعض العلماء بأن القوم الذين أطلق عليهم العلماء اسم المجموعة (ج)، والذين عثر على آثارهم بمنطقة النوبة هــم فرع من التمحو وانهم ليبيون. ويشير(اوريك بيتس)(17) بأن مخلفاتهم تتفق ومخلفات الليبيين القدماء حيث يذكر بعض الأدلة التى تثبت هذه الصلة والتى من بينها :

أ- لا تختلف جماجم وشعور المجموعة (ج)عن جماجم جنس البحر المتوسط،الذين منهم الليبيون القدماء بصفة عامة ومجموعة التمحو بصفة خاصة.

ب- لقد اتبع أصحاب المجموعة(ج)طريقة للدفن،ونمط لبناءالمقابر الدائرية،هى نفسها التى عرفت لدى سكان الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا والتى عرفت باسم الرجم.

ج- تصور الرسومات المنقوشة رجال المجموعة (ج)وهم يرتدون ملابس على شكل اشرطة تتقاطع على الصدر والريشة على الرأس وهى نفسها التى كانت تميز الليبيين القدماء الذين تعرفنا عليهم من خلال الوثائق المصرية القديمة فى فترة ما قبل الأسرات وبداية الأسرات وهى سمات عرفت قبل ذلك لدى سكان الصحراء الكبرى.

د- يستعمل رجال المجموعة (ج) سلاح السهم والقوس وهى من الأسلحة التى عرفت فى الصحراء الكبرى قبل أن تعرف لدى أهل النوبة.

هـ- يؤيد انتماء سكان المجموعة (ج) للتمحو ما عثر عليه مـن فخار وقبور فى وادى هـور الذى يقع على بعد 400 كيلومتر جنوب غربى الشلال الثالث ومن خلال المقارنة اتضح أن هذا الفخار يشبه فخار المجموعة (ج). والجدير بالذكر أن هذا الفخار وجد عند طريق هجرة التمحو من موطنهم الأصلى الذى يراه معظم الباحثين بأنه منطقة الصحراء الكبرى قبل أن يحل بهــا الجفـاف (18). وبناء على كل ذلـك يمكن الاستنتاج، بأن التمحو، وسكان المجموعة (ج)، وسكان وادى هور كلــهم جاءوا من الصحراء الكبرى بعد أن حل بها الجفاف.

3-الليبو او الريبو: يرى معظم العلماء أن الليبو أو الريبو كانوا يسكنون منطقة برقة الحالية وربما كانت أراضيهم تمتد نحو الشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سيوة ويرجح أن مجموعتى القهق والإسبت كانتا تعيشان فى نفس المنطقة التى تسيطر عليها مجموعات الليبو أو الريبو(19)، وأقدم ذكر لمجموعات الليبو أو الريبو كان فى عهد رعمسيس الثانى ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام فى تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة حيث اشتركوا كقادة فى الحروب التى قامت ضد الملك مرنبتاح واشتركوا أيضاً فى الحروب التى دارت ضد رعمسيس الثالث. ونعتقد أن اسم الليبو أصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم علماً على كل المنطقة التى تقع إلى الغرب من منطقة وادى النيل وبالتالى اختفت اسماء بقية المجموعات الأخرى وبناء على كل ذلك أصبح هذا الاسم يعنى لدى الإغريق تارة كل المجموعات السكانية التى تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت وتارة أخرى كل شمال أفريقيا وفى بعض الأحيان القارة الإفريقية بكاملها ومما يؤيد بروز اسم الليبو واختفاء بقية الاسماء تلك اللوحة التى عثر عليها منذ مدة والتى تعود لعهد الملك شيشنق وهى تتضمن اسماء الأقوام الليبية وهى لوحة يطلق عليها اسم (لوحة الأقوام التسعة) ويبدو من خلال هذه اللوحة أن الريبو أو الليبو حلت محل الاسم التقليدى السابق الذى عرفت به القبائل الليبية وهو التحنو ونجد وثيقة أخرى تشير إلى الليبو كتسمية عامة لكل المنطقة التى تقع إلى الغرب من مصر، وهى وثيقة تعود لعهد الملك شيشــنق الرابـع (763-757قبل الميلاد) وتشير إلى شخصية ليبية مرمـوقة تدعـى حيتيحنكر وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبو ويبدو من خلال هذه الوثائق أن المنطقة ظلت تعرف باسم الليبو طيلة الفترة التى تلى الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم ونعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التى استعمروها بالجبل الأخضر اسم ليبيا وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال إفريقيا(20).

4-المشوش: يرجح الباحثون أن المشوش سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية ويرى البعض أن ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التى تمثل تونس الحالية وقد رأى بعض العلماء بأن المشوش هم أنفسهم المكسيس الذين أشار إليهم (هيرودوت)(21) بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس ولكن مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للاقامة الدائمة حول دلتا وادى النيل ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التى تشير إلى الحروب التى دارت بينهم وبين المصريين يتضح أن المشوش كانوا يرغبون الاستيطان فى مصر وقد صرحوا بذلك بأنفسهم (22) ورغم أنهم وحلفاءهم الليبو فشلوا فى الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب إلا أنهم استطاعوا الاستقرار فى الكثير من مناطق مصر سواء فى حاميات الحدود أو بانظمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة (23). وقد كان الجيش المصرى ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الليبيين دون سواهم وقد كان ملوك مصر فى ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم مما أدى إلى تكون جاليات عسكرية كانت القيادة فيها لليبيين دون سواهم وقد وصل بعض العناصر من المشوش -كما مر بنا – إلى مناصب هامة فى البلاط الملكى وإلى مراكز القيادة فى الجيش وأن بعضهم -مثل شيشنق- استطاع أن يتولى الحكم فى بعض مناطق مصر حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية وهكذا وبسهولة تامة استطاع شيشنق أن يستولى على الحكم فى مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأســرة الواحدة والعشرين وبالتالى استطاع المشوش تكوين الأسرة الثانية والعشرين التى حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان(24).

لقد كانت قبائل التحنو والتمحو والليبو والمشوش من القبائل الليبية الكبيرة، الواسعة الانتشار والتى لعبت دورا بارزا فى تطورات الأحداث فى ذلك الوقت. ولذلك نجدها ترد فى النصوص المصرية القديمة بشئ من التفصيل. فى حين وردت فى هذه النصوص اسماء قبائــل أخرى كـمجرد شارات بسيطــة ربما لعدم تاثير هــذه القبائل فى الاوضاع السائدة فى المنطقة فى ذلك الوقت أو ربما لكون هذه القبائل كانت تابعة لاحدى القبائل الكبرى السابقة أو لوجود أراضيها ضمن أراضى قبيلة أخرى كبيرة. ونذكر من بين تلك المجموعات السكانية الصغيرة قبائل: الأسبت والقبت والثكتن والبقن والكيكش والسبد والقهق.

ثانيا المصادر الاغريقية والرومانية والبيزنطية

تمتد هذه المجموعة من المصادر منذ مجئ الإغريق إلى إقليم قورينائية وحتى الفتح العربى الاسلامى للمنطقة فى القرن السابع الميلادى لقد تناول تاريخ ليبيا فى هذه الفترة الكثير من الكتاب والمؤرخين والجغرافيين والفلاسفة. وسوف نعطى بعض المعلومات عن كتابات هؤلاء من خلال اتجاهاتهم العلمية المختلفة. ولذلك اختلفت أهمية هذه المعلومات التى طرحوها حول تاريخ هذا البلد باختلاف تخصصاتهم ومن أشهر هؤلاء :

1- هيرودوت ( 484 -424 ق.م. ) وكتابه التاريخ: يعرف الكتاب الرابع من هذا المصنف باسم الكتاب الليبي وقد ثحدث فى هذا الكتاب عن القبائل الليبية المتواجدة على المنطقة الممتدة من غرب منطقة وادي النيل وحتى سواحل المحيط الاطلسي بالإضافة إلى حديثه عن قورينا وشقيقاتها وبعض حوادث تاريخها.

2- بلينى الاكبر (23 -79 م. ) وكتابه التاريخ الطبيعى: لقد تحدث بلينى عن ليبيا فى الكثير من فقرات كتابه خاصة فى الكتاب الخامس والثالث عشــر والتاسع عشــــر والثانى والعشرين وقد تحدث حديث مفصل عن نبات السيلفيوم الشهير الذى يشار إليه باسم الذهب الأخضر.

3-ديودوروس الصقلى( 40 م.)وكتابه المكتبة التاريخية: لقد تحدث(ديودوروس الصقلى)فى الفقرة 49 من كتابه الثالث عن ليبيا والقبائل الليبية،وعن الكثير من الظواهر الطبيعية،خاصة الغريبة منها.وقد كان(ديودوروس الصقلى) يميل إلى التحدث عن الشعوب التى جعلها موضوع تاريخه عن الجوانب الطريفة والغريبة المغلفة بالأساطير الغامضة ولذلك تختلط عنده الحقائق بالخيال اختلاطا شديدا ولكن رغم ذلك يعتبر(ديودوروس الصقلى) كاتبا ومؤرخا عظيما(25).

4-بروكوبيوس القيصرى وكتابيه العمائر والحروب: ولد(بروكوبيوس)فى قيصرية بفلسطين فى نهاية القرن الخامس الميلادى وتوفى فى عام 562م وقد تحدث فى كتابه العمائر عن أهم المنشآت المعمارية التى شيدت فى عهد الإمبراطور (جستنيان)(527-565م.) وقد أشار فى هذا الكتاب إلى بعض المنشآت التى شيدت فى المدن الثلاث (لبدة أويا(طرابلس) صبراتة). وقد تحدث فى كتابه الحروب عن الحملات الحربية التى شنت فى عهد الامبراطور(جستنيان)فى فارس وأوروبا وشمال افريقيا(545-554م.)وقد أشار أيضاً فى هذا الكتاب إلى بعض الثورات التى شنها سكان المناطق الغربية من ليبيا ضد الوندال.

5-فلافيوس كريسكونيوس كوريبوس(القرن السادس الميلا دى): وهو مؤرخ أكثر منه كاتب ملاحم ينسب إلى (كوريبوس) ملحمتين شعريتين: الأولى حول الحرب الليبية الرومانية والتى دارت أحداثها فى الفترة ما بين 546 -548 م. والثانية فى مدح الإمبراطور (جوستين الثانى) خلال عامى 566 و567 م. ينتسب الشاعر (كوريبوس) إلى منطقة المغرب القديم من حيث الأصل والمولد ويفهم ذلك من خلال لقبه الإفريقى ويعتبر عمله الأول الحرب الليبية الرومانية أهم مصدر تاريخى عن منطقة المغرب القديم خلال القرن السادس الميلادى وذلك لسرده وقائع تاريخية ثابتة حول الحملة البيزنطية ضد الوندال حين قرر الإمبراطور(جستنيان)(527-565م.) إعادة استعمار منطقة المغرب القديم من جديد، ورغم أن هذه الملحمة ليست كلهـا حقائق تاريخية بل تحتوى على الكثير من الخرافات والمبالغات إلا أنها تعتبر أهم مصدر بعد(هيرودوت) و(بروكوبيوس) حول القبائل الليبية حيت أشار(كوريبوس) من خلالها إلى خصائص هذه القبائل وعاداتها واماكن تواجدها ووسائل حروبها وتقاليدها المعيشية والاجتماعية(26).

إن هذه المصادر الكتابية التى دونت من قبل كتاب إغريق ورومان وبيزنطيين، كـانت هى الأخرى من جانب واحد إلا أن هذه المصادر دعمت أراء هؤلاء المؤرخين عن طريق المكتشفات الأثرية التى عثر عليها حديثاً، كالنقوش الكتابية، وبعض بقايا الإنسان خاصة البقايا الفنية كالعمارة والنحت والفخار.

ومن خلال هذه المصادر جميعها يمكننا الحديث عن الليبيين القدماء بشئ من الإختصار. وسوف يكون تركيزنا عن أصول وتحركات هذه المجموعات السكانية منذ بداية العصور التاريخية،وحتى نهاية العصور القديمة.

الليبيون القدماء من خلال المصادر الاغريقية والرومانية والبيزنطية

أمدتنا المصادر الإغريقية والرومانية والبيزنطية بالكثير من المعلومات حول الجماعات الليبية القديمة التى كانت تعيش فى المنطقة المعروفة قديما باسم ليبيا بمعناها الواسع وقــد استقينا معلوماتنا هــذه مــن خلال ما تركه هؤلاء الكتاب مــن أخبار معظمها كانت خليطاً بين الحقائق والأساطير وكان على رأس هولاء الكتاب (هيرودوت) القرن الخامس قبل الميلاد و(سكيلاكس) القرن الرابع قبل الميلاد و(سالوست) القرن الأول قبل الميلاد و(استرابون) و(ديودورس الصقلى) و(بلينى الأكبر) القرن الأول الميلادى و(بطلميوس الجغرافى)القرن الثانى الميلادى و(بروكوبيوس القيصرى) و(كوريبوس) القرن السادس الميلادى وسوف نتتبع اسماء أهم القبائل الليبية عند هؤلاء الكُتّاب منذ أيام (هيرودوت) إلى ما قبل الفتح الاسلامى بقليل وهى :

1-الادروماخيداى: أول إشارة وصلتنا عن هذه القبيلة كانت عن طريق (هيرودوت) حيث ذكر بأنها تقيم قريبا جدا من مصر وقد أخذ سكان هذه القبيلة عن المصريين أغلب عاداتهم باستثناء ملابسهم التى كانت لا تختلف عن بقية الليبيين(27) ولم يأت (سكيلاكس) الذى جــاء بعد (هيرودوت)بجديد عـــن سكان هذه القبيلة حيث أكــد بأن الصفة المصرية لاتزال غالبة عليهم (28). وفى القرن الأول الميلادى والثانى الميلادى أشار إلى هذه القبيلة كل من (استرايون )و(بلينى الأكبر ) و(بطلميوس) ولكن هؤلاء جميعاً أشاروا إلى هذه القبيلة باختصار شديد.

2- الجليجاماى : يقول هيرودوت بأن أراضى هذه القبيلة تلى قبيلة الإدروماخيداى مباشرة وتمتد نحو الشرق حتى جزيرة إفروديسياس (جزيرة كرسة) إلى الغرب من مدينة درنة الحالية. ويشير (هيرودوت) بأن أرض السلفيوم تبدأ من أرض هذه القبيلة وحتى مدخل خليج سرت(29). لقد اختفى اسم هذه القبيلة عند كل الكّتاب اللاحقين ويبدوا أنها لم تكن من القبائل الكبرى ولذلك غفل عن ذكرها هؤلاء الكّتاب.

3- الأسبوستاى : لقد أشار (هيرودوت ) إلى هذه القبيلة حيث ذكر بأن أراضيهم تقع إلى الغرب من قبيلة الجليجاماى إلى الداخل من مدينة قورينا لأن المناطق الساحلية يسيطر عليها القورنائيين. وقد أشار بأن الاسبوستاى يشتهرون بالعربات التى تجر بواسطة أربعة من الخيل (30) لقد ورد أسم هذه القبيلة أيضاً لدى (استرابون) وبطلميوس فى حين لم ترد لدى بقية الكُتّاب.

4-المارماريداى : أول إشارة عن هذه القبيلة كانت عند (سكيلاكس) الذى أشار بان أراضى الماماريداى تقع الى الغرب من قبيلة الادروماخيداى وهى تضم كل الاراضىالداخلية لمدينة برقة(المرج) وتمتد نحو الغرب حتى تقترب من خليج سرت(31). ويبدو أن أراضى هذه القبيلة إزدادت اتساعاً فى العصر الرومانى حيث امتدت نحو الشرق حتى وصلت مرسى مطروح ونجد إشارة صريحة لهذا التوسع من خلال ما ذكره(بلينى الأكبر) من أن المجموعات السكانية التى تقيم فى المنطقة الممتدة من بارايتوم (مرسى مطروح)وحتى سرت الكبير هم المارماريداى (32). ورغم أن اسم المارماريداى ظهر لأول مرة عند(سكيلاكس) إلا أنه ظل حيا حتى قبيل الفتح الإسلامىللمنطقة فقد ذكرت هذه القبيلة لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين مثـل: (استرابون)و(ديودوروس الصيقلى) و (بلينىالاكبر) و(بطلميوس) وربما بسبب شهرة هذه القبيلة سميت المنطقة فيما بعد باسم مارماريكا(33).

5-الاوسخيساى : يشير هيرودوت بان أراضى قبيلة الاوسخيساى تقع عند المناطق الداخلية من مدينة برقة(المرج) وتمتد نحو الغرب حتى تتصل بالشاطئ عند مدينة يوسبيريدس(بنغازى). ويشير هيرودوت بأن عند منتصف أراضى هذه القبيلة تقـــع أراضى قبيلة البكاليس الصغيرة التى تتصل أراضيها بالبحر عند مدينة توخيرا(توكرة)(34). ويبدو أن قبيلة الاوسخيساى لم تكن ذات أهمية كبيرة بالمقارنة مع القبائل السابقة ولذلك لم يرد ذكرها لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين ما عدا(ديودوروس الصقيلى)الذى أشار اليها إشارة عابرة(35).

6-النسامونيس: لقد أشار(هيرودوت) بأن موطن النسامونيس يقع إلى الغرب من موطن الاوسخيساى دون أن يحدد إلى أي مدى يمتد موطنهم نحو الغرب. ونجد فى المقابل يوضح (سكيلاكس) بأن موطن هذه القبيلة يمتد نحو الغرب حتى يصل مدبح الاخوين(فيلاينى) ويذكر(هيرودوت)بأن النسامونيس متعودون ترك قطعانهم فى الصيف بجوار البحر ويصعدون نحو موقع يقــال له أوجلة ليجنوا التمر مــن النخيل الذى ينمو هناك بكثرة(36). لقد كانت قبيلة النسامونيس موجودة بموطنها حول خليج سرت طوال العصور القديمة حيث ورد ذكرها لدى(هيرودوت)و(سكيلاكس)و (استرابون) و (ديودوروس الصقلى) و (بلينىالاكبر) و (بطلميوس) وغيرهم. وكان الرومان يحسبون ألف حساب لقبيلة النسامونيس القوية التى تتمركز حول خليج سرت وقد كان النسامونيس يضايقون الرومان بالتعرض لطرق التجارة بالدواخل ومهاجمة السفن واغراقها عند السواحل(37). وبالتالي أصبحت المنطقة تمثل أكبر خوف للمصالح التجارية الرومانية وهذا الأمر أدى بالرومان إلى توجيه حملة خلال حكم الامبراطور(دومتيان) استهدفت القضاء على سيطرة النسامونيس من جهة ومن جهة أخرى استهدفت الزام النسامونيس بعدم ترك مواطنهم الدائمة وذلك تسهيلا لمهمة جباة الضرائب من الرومان(38) بالإضافة إلى تسهيل مراقبتهم فى مكان ثابت ومعروف.

7-المكاى : تقع أرض المكاى إلى الغرب من قبيلة النسامونيس وتنتهى عند نهر(كينيبس)(وادى كعام). ويشير(هيرودوت) بأن نهر (كينيبس) يجرى عبر اراضيهــم نحو البحر فى الشمال وأن هذا النهر يأتى من تل يدعى تل الحسان، وهو عبارة عن غابة كثيفة وهى على عكس بقية ليبيا التى تحدث عنها والخالية من الأشجار وتبعد هذه المنطقة عن ساحل البحر بمائتى فرسخ(39). والجدير بالذكر أن هذه المنطقة كانت قد أغرت أحد المغامرين الإغريق فى تأسيس مستوطنة عليها وقد كان ذلك على يد(دوريوس) بن ملك أسبارطة، عندما نزل فى حملة بحرية فى عام 520 قبل الميلاد عند مصب نهر كينيبس (وادى كعام) لتأسيس تلك المستعمرة التى عرفت باسم النهر السالف الذكر. وقد ذكر(هيرودوت)فى كتابه الخامس(40) أن القرطاجيين بعد ثلاث سنوات من تأسيس هذه المستعمرة استطاعوا بمساعدة قبيلة المكاى من طرد المغامر الإغريقي، حيث رحل عائداً إلى شبه جزيرة البيلوبونيز ببلاد اليونان.

8-آكلة اللوتس : تقع أراضى آكلة اللوتس إلى الغرب من قبيلة الجيندانيس، التى تلى قبيلة المكاى وتبرز أراضى آكلة اللوتس فى البحر على شكل رأس يمتد فى عرض البحر ولقد حصلنا على أول ذكر لهذه القبيلة لدى (هوميروس) ثم وردت فيم بعد لدى (هيرودوت) و(سكيلاكس) و(بلينى الاكبر) و(بطلميوس). يقول(هيرودوت)(41) يصف ثمار اللوتس اللذيذة بان مذاقها يذكر بمذاق الرطب، وأن آكلى اللوتس يصنعون أيضاً من ثمار اللوتس الخمر وربما لهذه اللذة التى تمتاز بها ثمار اللوتس يشير(هوميروس) فى ملحمته الأوديسة بأن من يأكل اللوتس يصرفه عن الأهتمام برؤية وطنه وزوجته وأولاده (42).

9- الجرامنت : لقـد وضح لنا هيرودوت بأن مــوطن الجرامنت يقع على مسيرة عشرة ايام إلى الغرب من أوجلة وعلى مسيرة ثلاثون يوما إلى الجنوب من موطن آكلة اللوتس (43). يعتبر المؤرخ الإغريقى (هيرودوت) أول من أشار إلى الجرامنت ولذلك يعتبر مصدرنا الأساسى حول هذا الموضوع. وقد أشار إلى أن الجرامنت كثيرو العدد يملكون العربات التى تجر بواسطــة أربعــة من الخيل والتى كانوا يطاردون بهــا سكان الكهــوف الاثيوبيين وكانوا يضعون التراب على الملح ثم يزرعونه وكانت لهم ثيران وهى ترعى القهقرى، وسبب ذلك انحناء قرونها إلى الأمام (44). لم تقتصر معرفتنا للجرامنت عن طريق (هيرودوت) فقط بل إن (استرابون) و(بلينى الأكبر) تحدثا عن الجرامنت أيضاً. وفى هذا السياق يشير(بلينى الاكبر) فى كتابه التاريخ الطبيعى بأن أراضى الجرامنت تقع على بعد اثنى عشرة يوما من أوجلة(45)، ويشير فى نفس الكتاب السابق إلى الصراع الذى كان يدور بين الرومان والجرامنت وكيف إستطاع الرومان بقيادة (كورنيليوس بالبوس) إخضاع عاصمة الجرامنت جرمة بالاضافة إلى إخضاعهم العديد من المدن الأخرى(46)، التى كانت على الأرجح ضمن ممتلكات الجرامنت.

10-الجيتول: الجيتول إحدى المجموعات الليبية القديمة التى ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون. وهى مجموعة من القبائل كانت منتشرة جنوب الممتلكات القرطاجية، ومملكة نوميديا وهى تمتد جنوبا حتى تحادى أطراف الصحراء من الشمال. وإذا تتبعنا اسم هذه المجموعة السكانية فاننا نجد أول ذكر لها كان عن طريق المؤرخ اللاتينى (سالوست) (القرن الأول قبل الميلاد)(47). وقد توالى ذكر هذه المجموعة السكانية فيما بعد لدى معظم الكتاب الكلاسيكيون مثل(استرابون) و(بلينى الاكبر)و(بروكوبيوس القيصرى). ويبدو أن اسم الجيتول دخل عليه بعض التحريف، عندما بدأ العرب المحدثون نقل هذا الاسم من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية حيث كتب مرة بصورة جيتــول وكتــب مرة أخرى بصورة عربية صــرفة وهى جدالة ويبدو أن هؤلاء الاخيرين كانوا محقين لأن الاسم جدالة قريبا جداً من الاسم القديم جيتول(48).

11- المـور : تقع أراضى المور ما بين المحيط الاطلسي فى الغرب، ووادي مولوكا(ملوية) فــى الشرق ويبدو أن اسم مــوريتانيا أو مــوروسيا اشتــق مــن اسـم هذه القبيلة الواسعة الانتشار(49). لقد توالى ذكر المور فى الكثير من المناسبات منذ نهاية القرن الخامس قبل الميلاد وحتى نهاية العصور القديمة حيث تم الإشارة إليهم فى الحملة المبكرة التى قام بها القرطاجيون ضد الاغريق فى صقليةعام 406 قبل الميلاد وكذلك تم الإشارة اليهم أثناء محاولة الغزو الرومانى لشمال إفريقيا عام 256 قبل الميلاد وأيضاً أثناء الحرب البونية الثانية حيث ذكروا ضمن جيش هانيبال فى معركة زاما. وقد أشار اليهم المؤرخ اللاتينى(سالوست) عند حديثه عن السكان الأوائل لإفريقيا(50). ولقد ظل اسم المور حيا حتى العهد البيزنطى حيث تمت الإشارة اليهم عن طريق المؤرخ البيزنطى(بروكوبيوس) فى كتابه العمائر(51) عند حديثه عن تغلب المور على الوندال واستيلائهم على مدينة لبدة الكبرى. والجدير بالــذكر هنا أن(بروكوبيوس) كــان يسمى هذه المجموعة السكانية أحياناً باسم المور وأحياناً أخرى باسم لواتة. وقد عاد (بروكوبيوس) إلى الإشارة إلى المور من جديد فى نفس الكتاب السابق حيث ذكر بأن الإمبراطور(جستنيان) احتل طرابلس وبقية ليبيا داحراً الوندال والمور.وقد اشار (بروكوبيوس) إلى المور أيضا فى كتابه الحروب الوندالية(52) عندما تحدث عن القائد الليبى كابا وان الذى انتصر على الوندال. وقد وصفه (بروكوبيوس) بأنه كان يحكم مور طرابلس التى كانت تعنى فى ذلك الوقت إقليم المدن الثلاث ( لبدة وأويا وصبراتة ).

12-الإستوريون: لقد وصلتنا أخبار هذه القبيلة أثناء عهد الإمبراطورية الرومانية المتأخرة وذلك عند الإشارة إلى الهجمات التى كانت تقوم بها هـــذه القبيلة ضد المدن التى يسيطر عليها الرومان سواء على المدن الثلاث ( لبدة وأويا وصبراتة)، أو على المدن الخمس (قورينا وبرقة وبطوليمايس وتوخيرا ويوسبيريدس) أو من خلال التحالفات التى كانت تقيمها هذه القبيلة مع القبائل الليبية الأخرى ضد القوات البيزنطية المتمركزة فى قرطاجة والمدن التى تقع إلى الشرق والغرب من هذه المدينة. وليست لدينا الكثير من المعلومات عن أصل هذه القبيلة ومصادرنا محدودة تحصلنا بعضها عن طريق (اميانوس ماركيلينوس) (عاش فى حدود الفترة ما بين 330 - 400 ميلادية) وتحصلنا على البعض الآخر عن طريق (فلافيوس كريسكونيو كوريبوس) (القرن السادس الميلادى) من خلال ملحمته الشعرية الحرب الليبية الرومانية. ويرى البعض بأن هذه القبيلة قدمت من الواحات الشرقية، ثم استقرت، خلال العهد الرومانى المتأخر بمنطقة خليج سرت وتذكر المصادر الرومانية المتأخرة أن قبيلة الاوستريانى هاجمت مدينة لبدة ثلاث مرات متتالية، وهو الأمر الذى أدى إلى تدمير معظم منشآت المدينة ولاشك أن الذى اكسب غارات الاوستريانى هذا العنف وهذه القوة استعمال هذه القبيلة للجمل فى غاراتها، والجدير بالذكر أن الرومان رفضوا مد العون إلى مدينة لبدة الكبرى وحتى عندما وافقوا على نجدة المدينة كان من أهم شروطهم تزويدهم بكميات ضخمة من المؤن وأربعة آلاف جمل(53). ويحدثنا (فلافيوس كوريبوس) عن قبيلة الاستوريين، بأنها كانت كثيرة العدد والعدة وهى معروفة بشجاعتها وتخطيطها للحروب المثقنة للنيل من الأعداء. وفى هذا السياق يشير (كوريبوس)، بأن الاستوريين يقومون بتجميع اللإبل فى صفوف متماسكة على شكل حواجز ويحفرون الخنادق، ثم يضعون مختلف قطعان الماشية وسط حلقة وذلك لكى يوقعوا بالأعداء فى شراك هذه الحواجز وبالتالى يمكن سحقهم فى غمرة من الاضطراب والفوضى التى تنتاب الصفوف فى مثل هذه الاحوال (54).

13- لواتة : لقد وصلتنا أول إشارة عن قبيلة لواتة عن طريق المؤرخ البيزنطى (بروكوبيبوس القيصرى)، من خلال كتابيه العمائر والحروب الوندالية ونلاحظ أن (بروكوبيوس) كان يرى بأن المور ولواتة اسمين لمجموعة سكانية واحدة كانت منتشرة فى كل المنطقة الممتدة من طرابلس وحتى تيبسا بالجزائر. وقد ذكرت المور على أنها لواتة فى العديد من كتابات (بروكوبيوس) فنجده يشير إلى المور الذين دعــاهم فى نفس الــوقت لــواتة عند حديثه عــن تغلب هؤلاء على الونـدال واحـتلالهم لمدينة لبدة ونجده يشير إليهم عند حديثه عن المدبحة التى نفذها البيزنطيون فى مدينة لبدة ضد ثمانون شيخا من أعيان لواتة، ونجده يشير إلى المور على أنهم لواتة عند حديثه عن الحروب التى شنها الليبيون ضد حاكم إفريقيا البيزنطى سليمان فنجده يتحدث عن المور ولواتة فى طرابلس، والمور ولواتة فى بيزاكيوم (سوسة بتونس) والمور ولواتة فى تيبستا (تيبسا) بالجزائر(55). والجدير بالذكر أن قبائل لواتة لم تنتهى مع نهاية الحكم البيزنطى للمنطقة بل ظلت تتردد فى الكثير من المصادر العربية الإسلامية حيث تم الإشارة إليها عــن طريق ابن عبد الحكم فــى كتابه فتوح مصر وإفريقيا(56)، واليعقوبى فى تاريخه(57) وابن خرداذابة فى كتابه المسالك والممالك (58)، والهمدانى فى كتابه الأكليل(59)، ونشوان بن سعيد الحميرى فى قصيدته ملوك حمير وأقيال اليمن(60) وابى الحسن على بن سعيد فى كتابه المغرب فى حلى المغرب(61). وابن خلدون فى كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر فى أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر(62)

الهوامش :
1- مصطفى كمال عبد العليم دراسات فى تاريخ ليبيا القديم المكتبة الاهلية بنغازى 1966 م.، ص.1.
2- Herodote,Histoire (texte etabli et traduit par Ph.E.legrand),societe d. edition ((Les belles Lettres))Paris,1985, ,II,32.
3- Herodote,Histoire,IV,186,187.
4-مصطفى كمال عبد العليم،دراسات،ص.1.
5- Herodote,Histoire,IV,181.
6- Herodote,Histoire,IV,182,183,184,185.
7- Herodote,Histoire,IV,185.
8-ابن خلدون، كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر فى ايام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الاكبر(الجزء السادس)، مؤسسة جمال للطباعةوالنشر،بيروت،1979م.ص.83.
9- فوزى فهيم جاد الله مسائل فى مصادر التاريخ الليبى قبل هيرودوت ليبيا فى التاريخ، منشورات الجامعة الليبية، بنغازى، 1968م. ص. 53 –55.
10- فرانسوا شامو فى تاريخ ليبيا القديم الأغريق فى برقة الأسطورة والتاريخ (ترجمة محمد عبد الكريم الوافى) منشورات جامعة قاريونس بنغازى 1990م. ص. 33 .
11- نفس المرجع السابق ص.40.
12- فوزى فهيم جادالله مسائل فى مصادر التاريخ الليبى ص.7071.
13- محمد بيومى مهران المغرب القديم دار المعرفة الجامعية الاسكندرية،1990م. ص.75. وكذا. مصطفى كمال عبدالعليم دراسات ص. 1469.
14- فرانسوا شامو فى تاريخ ص.30.
15- نفس المرجع السابق ص.31،31.
16- محمد بيومى مهران المغرب ص 7879.
17- مصطفى كمال عبد العليم دراسات،ص. 17،18.
18- محمد بيومى مهران،المغرب ص ص. 76 -82.وكذا. مصطفى كمال عبدالعليم دراسات ص. 19، 20.
19- تاريخنا الكتاب الاول ليبيا من عصور ما قبل التاريخ حتى القرن السابع ق.م. دار الثرات 1977 م. ص. 103.
20- فرانسوا شامو فى تاريخ،ص. 2250.
21- Herodote, Histoire,IV,191.
22- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات،ص. 30.وكذا. محمد بيومى مهران المغرب ص. 85.
23- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات،ص. 33.
24- المرجع السابق ص.33.
25- على فهمى خشيم نصوص ليبية دار مكتبة الفكر،طرابلس 1967م.ص. 178،179.
26- فلافيوس كريسكونيوس كوريبوس ملحمة الحرب الليبية الرومانية او مقاومة قبائل المغرب العربى للاستعمار الرومانى (ترجمة محمد الطاهر الجرارى) مركزالجهاد للدراسات التاريخية،طرابلس 1988 م. ص ص.15-20.
27 – Herolote , Histoire, iv , 168.
28- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات ص. 74.
29- - Herolote , Histoire , IV , 169 .
30- Herodote, Histoire, IV, 170.
31- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات، ص. 74.
32- على فهمى خشيم نصوص ليبية ص.120.
33- نفس المرجع السابق ص.75.
34- Herodote, Histoire , IV,171.
35- المرجع نفسه ص.181.
36- Herodote, Histoire, IV,172.
37- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات ص.81.
38- نفس المرجع السابق ص.81.
39- Herodote, Histoire, IV,175.
40- عبداللطيف محمود البرغوثى التاريخ الليبى القديم من اقدم العصور حتى الفتح الاسلامى دار صادر، بيروت 1971 م.ص.691.
41- Herodote, Histoire, IV,177.
42- هوميروس الأوديسة (ترجمة عنبرة سلام الخالدى) دار العلم للملايين بيروت1977 م. ص. 100101.
43- Herodote, Histoire, IV,182.
44 -Herodote, Histoire, IV,189.
45- على فهمى خشيم نصوص ص.112.
46 - اتورى روسى ليبيا منذ الفتح العربى حتى سنة 1911م الدار العربية للكتاب طرابلس1911 م.ص. 36،37.وكذا. علي فهمي خشيمنصوص 124125.
47- G. Camps, Berberes aux marges de l histoire,editions des hiferides,Paris,1980, PP.13-15. 37.
- 48محمد المختار العربارى البربر عرب قدامى مشورات المجلس القومي للثقافة العربية الرباط1993 م. ص.247.
49- ب.هـ..وارمنجتون العصر القرطاجى (تاريخ افريقيا العام) (المجلد الثانى) جين افريك اليونيسكو، 1985ص.454.
50- G. Camps,Les berberes, P.13.
51- على فهمى خشيم نصوص ليبية ص.224.
52- نفس المرجع السابق ص ص.226-231.
53- مصطفى كمال عبدالعليم دراسات فى تاريخ ص.101،102.
54- فلافيوس كريسكونيوس كوريبوس ملحمة الحرب الليبية الرومانية ص ص. 49545894، 112166.
55- على فهمى خشيم نصوص ص ص.224،225،231،238،241.
56- احسان عباس ومحمد يوسف نجم ليبيا فى كتب التاريخ والسير دار ليبيا للنشر والتوزيع بنغازى، 1968م. ص. ص.29،30.
57- احمد بن ابى يعقوب بن جعفر بن وهب المعروف باليعقوبى تاريخ اليعقوبى (المجلد الاول) دار بيروت للطباعة والنشر بيروت 1980 م.ص.190.
58- ابن خرداذابة المسالك والممالك،مكتبة المثنى بغداد بدون تاريخ ص.91.
59- ابى محمد الحسن بن احمد بن يعقوب الهمدانى كتاب الاكليل (الجزء الثانى) حققه وعلق عليه محمد بن على بن الحسين الحوالى ط. 3، دار التنوير للطباعة والنشر بيروت 1986م.ص.115.
60- نشوان بن سعيد الحميرى ملوك حمير واقيال اليمن (تحقيق على بن اسماعيل المؤيد وواسماعيل بن احمد الجرافى) دار الكلمة صنعاء 1985م. ص. 98.
61- احسان عباس ومحمد يوسف نجم ليبيا ص.77.
62- ابن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر (الجزء السادس) ص ص.89-92.
Read more...
0 التعليقات

قناة الحرة: مطالب بالتوسع في تعليم اللغة الأمازيغية في المدارس المغربية

رغم التقدم الذي يشهده تعليم اللغة الأمازيغية في المغرب باعتبارها مكونا من مكونات من الثقافات المغربية، إلا أنه ما تزال هناك معوقات تحول دون تعميم هذه اللغة في كافة المدارس العامة.

ويعتبر الكثير من المغاربة لاسيما الأمازيغيين منهم أن هناك تقصيرا من الجهات المسؤولة إزاء هذه القضية كما أنهم يطالبون بتوفير الموارد المالية والبشرية القادرة على تدريس هذه اللغة.

تفاصيل أوفى في تقرير عبد الحي حلمي مراسل قناة "الحرة" في الخميسات وسط المغرب:



www.radiosawa.com
Read more...
0 التعليقات

العلم: البعد الأمازيغي أحد الأبعاد الكونية والإنسانية للثقافة المغربية

أكد أخيرا الباحث المغربي عزيز كيشي بالرباط، أن أحد الأبعاد الإنسانية والكونية للثقافة المغربية يتمثل في طابعها التعددي الذي يتميز أساسا بأصالته وتميزه.
وأوضح كيشي، من كلية علوم التربية، في مداخلة ألقاها في إطار المنتدى الدولي حول موضوع «إعادة التفكير في الحدود الثقافية .. الاستمرارية والاختلاف .. إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية»، أن للثقافة المغربية تاريخا بفسيفساء ثقافي، مستحضرا، بهذا الصدد، مختلف جوانبها الإفريقية والأمازيغية واليهودية._وتطرق السي ، في مداخلته بعنوان «التنوع والتمازج في ثقافات العالم .. نموذج الثقافة المغربية»، إلى البعد الأمازيغي لهذه الثقافة، مذكرا، في هذا السياق، بالقبائل الأمازيغية قبل وبعد الرومانية وقبل الإسلام، موضحا أن المصطلحات والأسماء والآثار تبرز حضورا قويا للبعد الأمازيغي في الثقافة الوطنية._وبخصوص اليهودية، أبرز كيشي أن حضورها بالمغرب يعود على الأقل إلى 2000 سنة، مبرزا حضورها في القبائل الأمازيغية قبل الحقبة الرومانية._من جهة أخرى، تطرق إلى التمازج في الثقافة الوطنية، مشيرا إلى اللهجة المغربية، التي اعتبر بنية قواعدها اللغوية أمازيغية._وذكر بأن جلالة المغفور له الحسن الثاني، كان قد قال إن المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا، مبرزا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أكد في العديد من خطبه السامية على الأبعاد المتعددة للثقافة المغربية التي تعد أمازيغية وعربية-إسلامية وأندلسية ..._وقال إن الجذور الإفريقية راسخة تاريخيا في الهوية المغربية بالنظر إلى الترحال من جنوب إفريقيا إلى شمالها، وخلص إلى أن كل الثقافات متعددة ومتمازجة._وقد افتتحت أشغال هذا المنتدى بالرباط بحضور نخبة من الخبراء الوطنيين والأجانب._وناقش المشاركون في هذا المنتدى، الذي ينظم على مدى يومين، عدة مواضيع من بينها «التنوع والتمازج في الثقافة المغربية» و»مسألة الحدود الثلاثية في أمريكا اللاتينية» و»ثقافة الآخر وخطاب النوع» و»الإسلام ووعي الأقلية في أوروبا».
www.alalam.ma
Read more...
0 التعليقات

"نعم نحن بربر" (قصيدة كرد جزائري على المصريين)



بالنسبة ل:"تشربنا العروبة حتى النخاغ" فينطبق على المُعرَّبين، وتعني حرفيا "تعربنا حتى النخاع".
Read more...
0 التعليقات

الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات

أحمد عصيد

"ليس التاريخ مجالا لتصفية الحسابات"، "لا ينبغي إثارة النعرات"، "هذا النبش في التاريخ مدعاة للفتن والصراعات"، "التاريخ مجال للبحث العلمي له مختصوه". كانت هذه بعض من ردود الأفعال التي صدرت عن بعض المثقفين والسياسيين المغاربة في سياق النقاش الذي أثاره مقالنا عن "الهوية والتاريخ ورموز الدولة الوطنية" وكذا مقالنا عن "جذور العنف في الدولة المغربية"، وإذا كنا نوافق على ما ورد في هذه الملاحظات من آراء وجيهة من حيث المبدأ، إلا أننا لا نقبل أن تكون نتيجتها التراجع عن طرح موضوع التاريخ وقضاياه وقراءاته في النقاش العمومي، وإلا صارت هذه الملاحظات سلبية في آثارها ونتائجها، لأنها ستنتهي إلى إقرار ضرورة الركون إلى الصمت خوفا من الطابوهات السياسية والإجتماعية التي يستحسن حسب هذا المنطق تجنبها. والحال أن أي تطور لا يمكن أن يحدث بدون كسر الطابوهات من هذا النوع وتحويلها إلى قضايا مفكر فيها بمختلف أنواع المقاربات، العلمية الأكاديمية منها أو السياسية.

وأعتقد أن المعيار الذي لا ينبغي أن يغيب عنا ونحن نتناول مختلف هذه القضايا هو معيار الوحدة الوطنية الجامعة، التي هي مكسب تاريخي لا يمكن التراجع عنه أو التفريط فيه، ونقصد بهذا أن النقاش حول قضايا الهوية والتاريخ لكي يكتسي طابع الجدية المطلوب ينبغي أن يتمّ خارج النعرات القبلية أو العرقية أو الطائفية من أي نوع، وأن يكون هدفه تجاوز عوائق الحاضر و نقائصه وعيوبه التي تتمثل أساسا في شيوع أنواع الميز واللامساواة، في اتجاه الرقي بالوضعية الإنسانية وضمان الشروط المطلوبة لانتقال سلمي وهادئ نحو الديمقراطية.

ثمة ترابط عميق بين مفاهيم الهوية و التاريخ والسياسة، حيث يحيل الربط بين هذه المفاهيم على إشكاليات دقيقة و متشعبة، تنفتح على مجالات التاريخ والسوسيولوجيا والأنثروبولوجيا واللسانيات وغيرها. فالهوية خارج التعريفات النظرية والثقافية، عندما نربطها بمجال المجتمع الإنساني، تصبح صعبة التحديد كخصائص ثابتة للإنسان أو للحضارة، حيث تصبح الهوية شعورا بالإنتماء يخضع لتراتبية على مستويات عدة، (الإنتماء إلى القبيلة ، الإنتماء إلى الجهة أو إلى الوطن أو العقيدة أو القارة إلخ)..

إنّ مفهوم الهوية معقد ومنفلت وليس قابلا للقياس أو التحديد الدقيق، ذلك أن الهوية عندما نربطها بالتاريخ تصبح صيرورة للتجربة الإنسانية المتغيرة، حيث لا مجال للفصل بين الهوية و الثقافة، فعلاقة الهوية بالتاريخ تبرز أن الهوية صيرورة يعاد بناؤها في زمن عبر النشاط الإنساني والتفاعل والتبادل. ولهذا لا تثور إشكالية الهوية إلا في المنعطفات التاريخية الحاسمة و لحظات التحول الكبرى التي تنبعث فيها الأسئلة القلقة.

من هذا المنطلق فالتاريخ بسبب ما ذكرنا لا يعني فهم الماضي فقط بل الحاضر أيضا، حيث أن نظرتنا إلى التاريخ تعكس الكثير من توترات الحاضر وتستجيب لحاجاته، مما يفسر سعي الإنسان الدائم إلى إعادة قراءة التاريخ وتفسيره وتأويله، ويبرز بالتالي عدم وجاهة الرأي القائل بضرورة طمس السؤال التاريخي أو تأجيله بسبب الحساسيات السياسية أو الدينية أو العرقية والإثنية.

فإذا لم تكن نصوص التاريخ المكتوب تتغير فإنّ قراءاته من منطلق حاجات الحاضر تتغير وتختلف حسب السياق، غير أنّ إعادة قراءة التاريخ تعبر عن درجة نضج الحاضر ورغبة أهله في التجاوز والتجديد و التطوير والمضي نحو المستقبل.

وإذا كانت السياسة تدبيرا للظرفي، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث بمعزل عن طبيعة الكيان الدولتي وهويته، هذه الهوية التي تشكلت بالطبع في التاريخ وانبنت عبر صيرورة الأحداث والوقائع و التجارب. ومن الطبيعي أن تسعى الدولة عبر مختلف بنياتها إلى ترسيخ هويتها الجامعة لدى الأفراد و الجماعات المنضوين تحت سلطتها لضمان ولائهم لها والحفاظ عبر ذلك على الإستقرار. غير أن المشكل يثور عندما يجد الفرد تنافرا بين وعيه الفردي بالإنتماء الهوياتي وهوية الدولة الرسمية.

هذا التداخل بين الهوية والتاريخ والسياسة يكتسي طابعا متوترا في البلدان الإسلامية عامة و في المغرب بصفة خاصة بسبب أن هوية الدولة تتحدد عبر الدين الذي هو "دين الدولة"، أي أنه وسيلة من وسائل ممارسة السلطة، مما يزيد الأمر تعقيدا بالنسبة لموضوع التاريخ.

غير أن ما يميز المغرب حاليا وكذا العديد من المجتمعات الإسلامية في موضوع التاريخ، هو ما يلاحظ من ثقل الماضي على الحاضر، حيث تسود فكرة أسطورية عن ازدهار الماضي في مقابل تخلف الحاضر مما خلق نوعا من "البلوكاج" النفسي والذهني لدى المسلمين نتج عنه نوع من تقديس الرواية السنية الأورثوذوكسية للتاريخ، وهي رواية تضمر الكثير من الخوف من الإكتشاف وتتجنب البتّ في التناقضات والمفارقات، وتضع حدودا للمعرفة والبحث التاريخي، حيث تستند الشرعية السياسية للسلطة ـ بسبب عدم فصل الدين عن الدولة ـ إلى رواية معينة للتاريخ، مما يجعل هذه الرواية محروسة ومراقبة، وهذا ما جعل علاقة التاريخ بالسياسة وبالوعي العام علاقة متوترة.

وينضاف إلى ما ذكرنا سبب آخر يجعل النقاش حول التاريخ يكتسي طابعا حادّا يثير الكثير من المخاوف، وهو هشاشة الوضع العام الذي لم يعرف بعد تقوية أسس البناء الديمقراطي، حيث أنّ الحسم في اختيار الديمقراطية هو الذي من شأنه أن يجعل التاريخ مجالا مفتوحا للقراءات المختلفة التي لن تثير أية حساسيات من أي نوع، ويظهر هنا بطلان الرأي الذي يستشهد بالتجربة الإسبانية، والذي يزعم أن الإسبان قد تجنبوا أي نقاش حول التاريخ بعد الحرب الأهلية تفاديا للوقوع في تصفية الحسابات التي من شأنها عرقلة المرور نحو الديمقراطية، والواقع أن الذي حسم النقاش التاريخي في إسبانيا وجعل الشعب الإسباني يتجاوز النقاش التاريخي هو الحسم في اختيار الديمقراطية و ووضع أسسها الفعلية، وهو وضع نفتقده في المغرب، حيث ما زال ثمة إصرار على تكريس مساوئ الماضي وعرقلة الإنتقال نحو الديمقراطية، مما يجعل الوضع يبدو متذبذبا ومثيرا للأسئلة القلقة.

إن أسئلة التاريخ بالمغرب المعاصر تبرز بشكل كبير مدى الحاجة الماسة إلى فهم الماضي فهما متوازنا ومنفلتا قدر الإمكان من هيمنة الإيديولوجيا الرسمية والإيديولوجيات المنازعة لها، حيث ساهم ضعف الثقة في المؤسسات الرسمية وفي الأحزاب السياسية في تزايد قلق السؤال التاريخي، مما يحتمّ إعادة قراءة تاريخ المغرب وتصحيحه في المقررات الدراسية وخاصة في إطار سياسة الجهوية الموسعة التي تمّ طرحها للنقاش مؤخرا، حيث سيمكن ذلك من العودة إلى التاريخ الإجتماعي المحلي عوض الإكتفاء بالتاريخ الرسمي الذي كان عبارة عن عملية انتقاء لعناصر هوياتية ولرموز ثقافية في فترة ما وسياق خصوصي تلبية لحاجات الدولة الوطنية المركزية .
Read more...
0 التعليقات
الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

كتاب بحثي عن أرباب الأمازيغ القديمة (بالفرنسية)

Auteur : René BASSET (1910)
Recherches sur la religion de Berbères.
Read more...
0 التعليقات

هيرودوت: بوصيدون شقيق أكبر آلهة الأغريق ذي أصل أمازيغي

بوسايدن أو بوسيدون (باللغة الإغريقية) هو إله البحر في كلٍّ من الميثولوجيا الإغريقية والأمازيغية كذلك وأيضا الميثولوجيا الرومانية والتي يُعرف فيها باسم نبتون

أصله وأسرته
بوسيدون حسب الأساطير الاليونانية القديمة هو ابن الجبارين كرونوس وغايا، وشقيق كل من زيوس وهيرا وديميتر إلهة الأرض والخصب كذلك هاديس سيد العالم السفلي. وهو يعتبر من الآلهة الأولمبية العظيمة لأنه وزيوس وهيرا من أقدم الآلهة، وقد كانت أمفيتريت زوجته، غير أن له ارتباطات مع غيرها من الزيجات، سواء الإلهية الخالدة أو الإنسانية الفانية.

قوَّته وأعماله
هو إله الزلازل والعواصف البحرية والماء، وهو أيضا باني طروادة برفقة ابن أخيه أبولو، ومُوجد الحصان السريع، والحصان المجنح بيغاسوس.

أسطورته
بحسب الميثولوجيا الأمازيغية فإن بوصيدون هو أب البطل الأسطوري الأمازيغي أنتايوس أو عنتي بالأمازيغية، وهو زوج غايا إلهة الطبيعة والأرض، كما أنه أب آثينا / تانيت وأطلس في الميثولوجيا الأمازيغية.

ويمكن القول اعتمادا على أسطورة أنتايوس بأن بوصيدون الليبي كان مرتبطا بطنجة المدينة المغربية، ذلك أن طنجة تجمع بين الأرض أي المكان المفضل لغايا، والبحر أي المكان المفضل له كونه إله البحر، حتى إن طنجة هو اسم لزوجة أنتايوس حسب الأسطورة، كما أن أنتايوس كان مرتبطا بخت، إذ يلجأ فيها إلى سلاحه السري وهو الأرض أي أمه غايا، وبها عمل على جمع جماجم الأعداء الذين حاولوا إيذاء الأمازيغ، ليبني بهم معبدا لأبيه بوصيدون، كما تروي الأسطورة الإغريق.

ما أورده عنه هيرودوتس
أما اعتمادا على رواية هيرودوتس، فقد كان يكرم من قبل الأمازيغ الذين سكنوا حول بحيرة تريتونيس إلى جانب آلهة أخرى.

وبحسب المؤرخ الإغريقي فإن بوصيدون إله أمازيغي الأصل، إذ قال بأن ما من شعب عرف عبادة هذا الإله في القدم إلا الأمازيغ، كما أشار إلى أن كلمة بوصيدون كلمة أمازيغية، وأن الإغريق قد عرفوه عن الليبيين القدامى أي الأمازيغ، في عبارته التالية:

«وتلك المعبودات التي يزعمون (يقصد المصريين) عدم معرفتهم لها، وعلمهم بها، يبدو لي، أنها كانت ذات أصول وخصائص بلسجية ما عدا بوسيدون، فإن معرفة الإغريق لهذا الإله، قد كانت عن طريق الليبيين، إذ ما من شعب انتشرت عبادة بوسيدون بين أفراده منذ عصور عريقة غير الشعب الليبي، الذي عبده أبدا، ومنذ القديم» – الكتاب الثاني: 50
.

وقد صوره هيرودوتس كإله يتنقل في أعماق البحار على عربة تجرها أحصنة ذهبية حاملا حربة، وعند غضبه يهيج بها أمواج البحر. ويرى "الأستاذ سيرجي" أن بوسيدون الذي لم تعرف عبادته في مصر القديمة انتقل إلى اليونان من ليبيا أي تامزغا وأنه من العبث البحث عن أصل عبادته خارج ليبيا حيث كان يكرم.

وفي مايتعلق بتكريمه في شمال أفريقيا (تامزغا)، فيذكر هيرودوتس في الفقرة الثامنة والثمانين بعد المائة في كتابه الرابع أن الرعاة الليبيين كانوا يقدمون الأضاحي لأربابهم منها الشمس والقمر، أما الأمازيغ (الليبيون) الذين يسكنون حول بحيرة تريتونيس فكانوا يقدمون قرابينهم أساسا للإله أثينا ثم لتريتون وبوسيدون.

خصائصه الجسدية
يتميز بوسيدون عن غيره من الآلهة اليونانية بلحيته وشعره الطويلين، وقد لاحظ البعض تلك السمات واعتقد أنهما سمات ترمز إلى الشخصية الملكية، غير أن هذا الاعتقاد ليس بالوضوح التام، فزيوس هو كبير آلهة الإغريق، لكنه لم يتميز بالمظهر الملكي المتميز بطول الشعر واللحية، بالإضافة إلى ذلك فقد تميز الإغريق بشعر ولحية قصيرين منتظمين، في حين أن طول اللحية والشعر هما من مميزات المور الأمازيغ، فاللحية هي رمز الحكمة والسلطة عندهم، ومن خلال رسم إغريقي للبطلين عنتي وهرقل، يتبين مدى الانطباع عن مظهر كل من الشعبين الأمازيغي والإغريقي، فقد تم إبراز البطل الأمازيغي وهو ابن بوصيدون بلحية وشعر طويل على نقيض هرقل ابن زيوس الذي تميز بلحية وشعر منظمين.

لم يمثل الإغريق بوصيدون بشكل واحد، فبالإضافة إلى تمثيله بمظهر أمازيغي، توجد تماثيل تبرزه على شكل إغريقي خاصة شعرة القصير.

دلالة اسم بوسيدون
ماذكر حول الأصل الأمازيغي للإله المسمى بوسيدون وما أثبت له من صفات، يؤكد ماذهب إليه "الدكتور أحمد الهاشمي" من أن هذا الاسم يجد شرحه اللغوي في معجم اللغة الأمازيغية، ويقترح تحليل الكلمة إلى ثلاثة مكونات: "بو" بمعنى ذو أي صاحب، و"سا" بمعنى سبعة، و"إطاون" جمع "إطّ" الذي بقي استعماله إلى اليوم في صورة المؤنث الدال على التصغير "تيطّ" بمعنى العين الباصرة وعين الماء، فيكون معنى الاسم كاملا: ذو البحار السبعة، لأن "تيط" حينما صغرت دلت على عين الماء، وإذا صيغت في صورة المذكر دلت على التكثير وانصرفت إلى الدلالة على البحر؛ مع العلم أن الطاء في الاسم "تيط" متولدة من المماثلة الصوتية بين الضاد وتاء التأنيث في آخر الكلمة، فأصلها قبل المماثلة والإدغام هو "تيضت"، فإذا أزيلت عنها زوائد التأنيث رجعت الضاد إلى أصلها، وهذا مايفسر ورود الضاد بدل الطاء في اسم إله البحار السبعة "بوسيضون".

بوسيدون في الأوديسا
في ملحمة الأوديسا، ذُكِرَ أن أوديسيوس، ملك أثيكا، أغضب بوسيدون بسبب إنكاره لفضل بوسيدون عليه في انتصاره في حرب طروادة، وقد حكم عليه بوسيدون بأن لايصل إلى أرضه أبدا، وأن يبقى تائها في البحر. وكانت هذه القصة تمثل تحدي الإنسان أوديسيوس للإله بوسيدون.

بوسيدون وست
يرى بعض المؤرخين ومن بينهم "الأستاذ محمد مصطفى بازامه" أن ست الذي ربط بالإله تيفون يتميز بخصائص ترجح ارتباطه بنفس الإله الليبي هيرودوت، فهو يتميز بالقوة نفسها وهو مايتجلى في كونه إله العواصف والزوابع والرعد والزلازل والسحب، ثم تساءل عما إذا كان كلاهما إله واحد عرف باسم بوسيدون.
Read more...
0 التعليقات

أنزار إلاه الأمازيغ منزل الغيث على عباده

أنزار هو هو ملك عنصر الماء من الميثولوجيا الأمازيغية، هو الذي ينزل الغيث على العباد.

التسمية
أنزار هي كلمة أمازيغية تعني المطر.اما أنزار بذاته فهو اڨليد اي ملك المطر القادر على إنزال المطر ووقفه. ولايزال يستغاث به في أوقات الجفاف في شمال أفريقيا.

عندما ينقطع المطر وتشتد الحاجة إلى المطر فلا أحد يستطيع إغاثة الخلق من الهلاك إلا أنزار كما تروي الميثولوجيا الأمازيغية.

الاستسقاء
عادة الاستمطار (الاستسقاء) عادة شديدة القدم لدى الأمازيغ، وقد استنكرها القديس اللأمازيغي أوغسطين بعد أن اعتنق المسيحية. إلا أن هذه العادة لا تزال حية في شمال أفريقيا بمفاهيم جديدة بعد أن دخل الإسلام إليها.

أنزار وتيسليت
تيسليت بونزار، لحبهما حكاية. إذ كانت تيسليت (تعني الخطيبة أو الموعودة) امرأة جميلة تسحر بجمالها الفتان وكانت تلبس من اللباس الفاخر فتتزين بالحرير والحلي.

تيسليت كانت فاتنة عاشقة للماء فكانت ترتاد النهر الفياض بالمياه ترتوي من مائه وترضي عشقها له، وهي لم تكن لتخفى عن أنزار ملك المياه الذي أصبح أحد محبيها الذي عاد يهيم عشقا لها. أنزار حاول باستمرار أن يصارحها بحبه، لكن تيسليت، كانت عفيفة خجولة ولطالما عملت على تفادي مصارحة أنزار لها حتى لا يصيبها القوم بتهم ضنينة.

أمام تفادي تيسليت المستمر لأنزار، لم يجد هذا الأخير إلا أن يقدم عليها بجرأة حاسمة. إلا أنه بعد أن أفصح عما شغل قلبه وحجبه الانتظار، فوجئ باعتراض وتعفف تيسليت خشية من سوء ظن القوم. بعد الرفض غضب أنزار وانطلق مزمجرا إلى السماء، وحبس الماء في السماء فحل الجفاف. فنصب النهر فغارت مياهه فجف النهر من الماء.

فبدأت هذه الأخيرة بالبكاء وتضرعت ولانت لأنزار وقبلت حبه، وبعد هذا أبشر أنزار فعاد من السماء كالبرق إلى الأرض فأخذ حبيبته بعيدا عن الأرض, فسقط المطر واخضرت المروج.
Read more...
0 التعليقات

الأمازيغ القدماء اعتقدوا أن طنجة ربة من أربابهم

تينجا أو تينجيس هي ربة من الميثولوجيا الأمازيغة، حسب الأسطورة فإن تينجا هي زوجة البطل الأسطوري عنتي.

كانت وظيفة زوجها عنتي هي الدفاع عن أرض الأمازيغ ضد الغزاة الأجانب، ولقد كان بذلك عملاقا لا يهزم لطالما أمكنه العودة إلى أمه الأرض وبالتالي تجديد قواه. غير أن زوجها سيهزم من طرف بطل الإغريق هرقل بعدما اكتشف سر قوته.
بعد أن تم القضاء على عنتي زوج تينجا، بقيت هذه الأخيرة دون زوج فربطت علاقة مع البطل الأسطوري هرقل وقاما معا بالتجارة. وبذلك أنجبت تينجا بطلا جديدا لحماية أرض الأمازيغ فكان اسمه صوفاكس أو صفاقس، وتولى هذا الأخير حماية الأمازيغ كما كان يفعل عنتي.
وحسب الأسطورة فإن صوفاكس بنى طنجة وسماها على اسم أمه تينجا.
Read more...
0 التعليقات

صوفاكس باني مدينة طنجة حسب اعتقاد الأمازيغ القدماء

صوفاكس أو سيفاكس أو صفاقس كما هو اسم المدينة التونسية الحالية، هو بطل من الميثولوجيا الأمازيغية، كما ارتبط أيضا بالمعتقدات الإغريقية.

في الأسطورة
يبرز صوفاكس من خلال الميثولوجيا الأمازيغية كابن للربة تينجا أو تينجيس. هذه الأخيرة كانت في البدء زوجة للبطل الأسطوري أنتايوس أو عنتي بالأمازيغية، الذي تكفل بحماية أرض الأمازيغ، ولم يكن ليهزم إلا بالحيلة كما يروي الشاعر بينداس معلقا على هزيمة عنتي من طرف هرقل البطل الإغريقي.

ولادة صوفاكس
بعد القضاء على عنتي بقيت تينجا دون زوج، وارتبطت بهرقل وتعاملت وتاجرت معه. نتيجة لهذا الارتباط أنجبت تينجا ابنا سمي بصوفاكس، بحيث أصبح في ما بعد بطلا للأمازيغ يدافع عن أرضهم بعد أن توفي عنتي. كما اعتبر الأب الذي ينحدر منه كثير من ملوك الأمازيغ. وتحكي الأسطورة الطنجية بأن صوفاكس قد قام ببناء مدينة طنجة، وسماها بهذا الاسم نسبة إلى أمه تينجا.

ابن صوفاكس
اعتبر ديودوروس نفسه ابنا لصوفاكس وتمكن من إخضاع عدة قبائل أفريقية مدعوما بجيش إغريقي متكون من الأولبيين وجنود من المدينة مايسينا الذين موضعهم جده هرقل.

حسب الكاتب الإغريقي بلوتارخ الذي كتب عن هذه الروايات، فإن هذه الأساطير الميثولوجية نسجت للتعظيم والرفع من قدر الملك النوميدي الأمازيغي يوبا الأول الذي اعتبر نفسه ابنا لديودوروس وحفيدا لصوفاكس
Read more...
0 التعليقات

تامزا: الغولة الأمازيغية

تامزا أو ذامزا هي شخصية أسطورية من الميثولوجيا الأمازيغية الريفية، واسمها يعني الغولة في اللهجة الأمازيغية الريفية، وزوجها هو أمزيو وهو مذكر اسم تامزا ويعني الغول.

شكلها
يعتقد الريفيون أن تامزا قد سكنت بلادهم في عهود قديمة جدا لا يتذكرونها بالتحديد. إذ كانت تامزا امرأة بشعة المظهر تتميز بشعر طويل غير منظم وثديين ضخمين بالنسبة لحجمها بحيث يكادان يغلبان على توازنها، وشفاه متدلية حسب الوصف الذي استطلعه الأستاذ كون، وهي متوحشة من آكلي لحوم البشر، وأخطر من زوجها أمزيو.

تامزا في الأسطورة
تختلف الأساطير المنسوجة حول هذه الشخصية الخرافية من منطقة إلى أخرى، وحسب بعض الروايات فقد كانت تامزا تتنكر بمظهر فتان يغوي الرجال فتستعمله في استمالة الرجال وتجعلهم يصطحبونها إلى مخبئها ثم تأكلهم بعد ذلك. وحسب بعض الروايات الشفوية المتعلقة بهذه الشخصية فهي تؤكد أن تامزا هي نوع من الجنس البشري الذي مسخ إلى ما أصبح عليه مظهر الغولة، وأنهن كن يعشن في تجمعات خاصة ببني جنسهن. غير أن الروايات الأمازيغية ترى أن تامزا قد أخلت بلادهم منذ زمن بعيد.

تنتشر هذه الأسطورة بشكل كبير في مناطق الريف، بحيث قد لا يوجد شخص ريفي لم يسمع أو يحفظ قصة عن تامزا. كما نسجوا قصصا حولها بربطها بشخصية حموا الذكي الذي كان دائما يتفوق على تامزا بذكائه ويقضي عليها. كما سموا عدة مواقع نسبة لها مثل موقع أشاشار ن تامزا كما سموا أحد الصخور نسبة إلى رأسها وهو أزرو ن تامزا أي صخر تامزا.

وقد تتبع الأستاذ كون هذه الروايات وحاول تفسيرها على أنها رواسب أحداث جرت في الماضي البعيد، وفي ما بعد اعتقد بأن شخصية تامزا قد تكون من بقايا البشمان البدائيين الذين طردهم الأمازيغ جنوبا إلى موطنهم الحالي حسب الباحث نفسه.
Read more...
0 التعليقات

من الأساطير الأمازيغية سيري صائدة الأسود في قورينا

سيري أو قورينا هو اسم ليبي (أمازيغي) مشتق منه اسم المدينة التاريخية قورينا والتي سكنها الإغريق. اسم قورينا يرتبط بسيري وهو اسم مرأة كانت قوية وشجاعة وتذكر الأسطورة أن ملك أحد المناطق التي أحاطت بينبوع سيري لم يقدر على التخلص من أحد الأسود المفترسة وعد بنذر مملكته المحيطة بنبع سيري لمن يخلصه من الأسد المفترس. ولقد قامت سيري بالقضاء على ذلك الأسد فاستحقت الجائزة لشجاعتها فحصلت على المملكة المحيطة بالنبع.

عندما هاجرت جماعة من الإغريق إلى قورينا وهم المسمون بالإغريق القورينيين جعلوا من سيري أو قورينا الأسطورية ربة حامية لهم إلى جانبهم إلههم الإغريقي أبولو وهو إله الصحة والطب عند اليونان، بحيث حصل تناغم بين الثقافة الإغريقية والأمازيغية في قورينا.
Read more...
0 التعليقات

الملك الأمازيغي الذي استقبل الأميرة الفينيقية "ديدون"

يارباس هو أحد الملوك الأمازيغ الذين سكنوا شمال أفريقيا منذ أقدم العصور. يارباس كان أيضا راهبا للغاتيليين، والغاتيليين هم أحد القبائل الأمازيغية ولقد ذكر الأديب الشهير أبوليوس المداوري بأنه غاتيلي نوميدي. ويبدو أن هذا الملك قد جعل من نفسه ابنا للآلهة بحيث يعتبر ابنا لجوبيتر آمون كما تروي الأسطورة، وتجدر الإشارة إلى أن كثيرا من القادة اعتبروا أنفسهم أبناء للآلهة وأشهرهم الإسكندر الأكبر الذي اعتبر نفسه ابنا للأله زوس بعدما باركه كهنة آمون الأمازيغي. وتروي الأسطورة أن الملك يارباس قام بتشييد مائة معبد رائع لأبيه. وكان يشعل فيها النيران تكريما لـ جوبيتر.

في الأسطورة
ذكر الشاعر الروماني فيرخيليوس أن هذا الملك الأمازيغي الشمال أفريقي حاول أن يفرض نفسه زوجا على الأميرة ديدو. وتجدر الإشارة إلى ديدو هي أميرة فينيقية الأصل هربت إلى شمال أفريقيا أو تامزغا بشكل أدق. وتروي الأسطورة وبعض المؤرخين أن التقاء الأميرة الفينيقية بالملك الأمازيغي كان بابتسامة من الأميرة الفينيقية ديدو.
Read more...
0 التعليقات

الملك الأسطوري حامي ديار الأمازيغ القدامى "أنتي"

عنتي (يعرف أيضًا ب:آنتايوس أو آنتي) هو بطل من الميثولوجيا الأمازيغية، بحيث كان هذا الأخير حامي أرض الأمازيغ ضد الأجانب الذين حاولوا إيذاء الأمازيغ، كما ارتبط بالميثولوجيا الإغريقية.

معنى اسم عنتي
لا يعرف معنى اسم عنتي على وجه الدقة، بل ولربما لا يعرف اسمه الأصلي الدقيق. ويسميه البعض " عنتي "، في حين يسمى أيضًا ب: " آنتي " و" آنتايوس ".

يعتقد البعض أن اسمه عنتي، كما كان يوصف حورس " حوروس عنتي ". وهو ما قد يعني أن اسمه قد يعني: " المصارع " أو " المحارب " كما تعني في اللغة المصرية القديمة، بافتراض أن الاسم حامي الأصل يوجد في اللغة المصرية القديمة والأمازيغة التي ترتبطان إلى درجة ما في ما بينهما، وهو ما ذهب إليه الأستاذ مصطفى اعشي.

حفيض خضيري (اسفض) باحث في الميثولوجيا واللغة الأمازيغية. يقول: "إن اسم عنتي اسم محرف وإن اسمه الحقيقي (أنتر) أولا لأن حرف العين غير موجودة في الأمازيغية. فالعين ينطقها العبريون وأبناء عمومتهم العرب ومقابلها عندنا حرف (الألف) وبالتالي فأنتر معناه الذًي يدفن. والأسطورة كما تروى فإن أنتر يدفن كل غاز. واشتقاقية كلمة أنتر أتت من (" اكر- اشر " ومعناه التراب). ثم إن أمه جايا هي أصلا كل (الأرض) يستمد بها أنتر قوته"

عنتي حسب الأسطورة
حسب الأسطورة فعنتي هو ابن رب البحر بوسيدون، وربة الأرض غايا وزوج تينجا التي تسمى أيضا تنجيس. وهو ما نقله لنا المؤرخون القدماء، وهذا لا يعني وجود معبودين عند كلا الشعبين، فالأسطورة الإغريقية تعرفه بالعملاق الليبي أي الأمازيغي. كما إن هرقل الذي صارعه، صارع خارج بلاد الإغريق حسب الأسطورة الإغريقية.

اعتمادا على عدد من الروايات، يرجح الباحثون أن يكون عنتي قد أقام في مدينة طنجة، التي كانت عرف ب: " تينجيس ". وحدد العديد من الكتاب القدماء أن حدائق الهسبريد، التي حدد موقعها عند الكتاب الكلاسيكيين بين منطقة طنجة والليكسوس، كانت مقرا لعنتي. ويعتقد بومبونيوس أنه في طنجة ترس عنتي الضخم، وهو مصنوع من جلد الفيل، وأنه نظرا لضخامته لم يقدر أحد على حمله واستعماله.

لا يعتبر عنتي إلها بالمفهوم الكلاسيكي للآلهة عند الشعوب القديمة كبوصيدون وزيوس وغيرهم من الآلهة، وإنما هو يعتبر بطلا من أنصاف الآلهة، ويعرفون أيضًا بالعماليق، وهو من العبادات التي ظهرت في وقت متأخر ولم تكن معروفة في عهد هوميروس ويعتقد الباحثون أنها قد ظهرت خلال القرن الخامس قبل الميلاد بالنسبة للإغريق.

أنصاف الآلهة هي غالبا ما تكون ثمرة ترابط بين إله كامل وامرأة قابلة للموت حسب الأساطير ومثاله هرقل الذي ولد من زيوس وألكمنه، وبرسيوس الذي ولد من زيوس وداناي. أما عنتي فرغم تصنيفه ضمن هذه العبادات فهو ابن لإله وإلهة متكاملتين وهما بوصيدون وغايا التي تعرف أحيانا بأم العماليق.
يكمن دور العماليق في مساعدة الإنسان، وكانت الشعوب تنسب نفسا إلى بطل من الأبطال، وتعتبره زعيما لها تخضع لحمايته. وهو ما ينطبق على عنتي.

دور عنتي حسب الأسطورة
يكمن دور عنتي حسب المصادر التي وصلتنا في كونه البطل الذي لا يهزم طالما أمكنه الاتصال بأمه الأرض، وتكفل بحماية أرض الأمازيغ ضد كل من حاول التسلل إلى أرضهم قصد إيذائهم، وذكر كل من ديودور وبيندار وغيرهم أن عنتي كان يقدم على قطع رؤوس الغرباء الذين حاولوا التسلل إلى البلاد التي يحكمها، وكان يبني بجماجمهم معبدا لأبيه بوسيدون.

عنتي وهرقل
ظل عنتي بطلا أسطوريا لا يقهر، وكان سلاحه سلاحا سريا (هو أمه الأرض غايا). وكان يصارع كل الغرباء، وعندما تضعف قواه يذهب إلى الأرض وينشر التراب على جسمه أو ينتشر عليه، وبذلك يستعيد قواه من جديد وبقي الأمر على هذا النحو إلى تمكن البطل الإغريقي من اكتشاف سره.

حسب المصادر الإغريقية أن هرقل كان عائدا بعد تمكنه من الحصول على التفاح الذهبي الذي أخذهما من الهسبريد، عائدا إلى مدينة ميسينا، فتحداه عنتي في المصارعة فصارعه هرقل وبعد صراع أسطوري طويل تمكن هرقل من معرفة نقطة ضعف عنتي فرفعه عن الأرض فضعفت قواه، وبالتالي تمكن من القضاء عليه. وهو ما اعتبر أحد أهم أعماله إلى جانب المهام الاثنتي عشر المستحيلة التي أنجزها ليفوز بالأبدية.

ونظرا لشهرة هذا الصراع الأسطوري، فقد تم رسمه في الأيقونات الإغريقية، واللافت أن الإغريق قد رسموه بشكل يبرز خصائص كل من شعبي البطلين، إذ تم رسم عنتي بشعر طويل ولحية طويلة وهي من مميزات مظهر الأمازيغ القدماء، في حين رسم هرقل بمظهر يمثل الإغريق القدماء أي بشعر قصير ولحية مننظمة كما تميز به الإغريق. كما أن متحف اللوفر الفرنسي لا زال يحتفظ برسم للفنان الأثيني أوفرونيوس وهو عبارة عن لوحة تمثل البطل الأمازيغي عنتي وهو يصارع هرقل.

قبر عنتي
إذا كان الصراع الأسطوري بين هرقل وعنتي قد عرف شهرة كبيرة، فان قبر عنتي لم يقل شهرة وغرابه عن ذلك. فكما أبلغتنا المصادر الكلاسيكية، فقد قام الأمازيغ بوضع قبر لمعبودهم عنتي وكان حجمه مصدر شهرته منذ العصور القديمة. وهذا يرجع إلى ضخامة حجم القبر الذي وضع له.

أشار بلوتاركوس إلى أن أحد القادة الرومان وهو سيرتوريوس سمع بأن قبر عنتي موجود في طنجة، فقرر زيارة طنجة المعروفة آنذاك باسم طنجيس أو تينجا للاطلاع على قبره والتأكد من صحة ضخامته، لأنه لم يصدق ما يرويه البرابرة فأخذه الأمازيغ إلى قبره ولاحظ بالفعل ضخامة حجمه التي بلغت قرابة الثلاثين مترا، فتيقن من عظمة معبودهم، وأخذه الانبهار وذبح حيوانا قربانا له، وإحياء لذكراه وأثبت له كرامته ونمت شهرته بذلك. وحسب الروايات الكلاسيكية عندما ينتقص شخص ما مما يوجد فوق القبر (قبر عنتي) فإن المطر سيتساقط مباشرة بعد ذلك.

إلى جانب المصادر الكلاسيكية فقد أقيمت بعثات عصرية لدراسة القبر، ويبرز قبر عنتي المتواجد في قرية مزوارة على بعد بضعة كيلومترات عن طنجة، في شكل دائري محيطة ما يقارب خمسين مترا وهو ما يثير إعجاب سكان المنطقة.

رمزية القضاء على عنتي
يعتقد البعض أن الصراع الأسطوري الذي وقع بين العملاقين عنتي وهرقل يجسدان صراعا واقعيا بين الأمازيغ والإغريق، وهو صراع دار بين كلا الشعبين خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، وهو صراع تميز بالشراسة قادته قبيلة الناسمون إلى جانب القرطاجيين بدافع المصلحة المشتركة التجارية على ما يبدو، قامت فيه قبيلة الناسمون بتجهيز صف أمازيغي كبير ضد الإغريق، فاكتسحوا فيه عدة مناطق إغريقية وتم فيه محاصرة الإغريق في منطقة بنغازي الحالية، ولم يتمكن الإغريق من الخلاص منه إلا بعد الاستنجاد بأسبرطة التي أرسلت أسطولا تمكن من فك الحصار.

يرى الأستاذ محمد الطاهر الجراري أن صراع هرقل وعنتي يبرز مدى شراسة الصراع الليبي رغم عدم توفر المصادر بشكل كبير مستدلا بذلك بما رواه الكتاب القدماء عن صراع عنتي وهرقل، بحيث ذكر أن بندار أحد أهم شعراء الإغريق قد شبه أحد المنتصرين بهرقل دلالة على عناده وإصراره في حين شبه خصومه بالبطل الأمازيغي عنتي الذي انتصر عليه هرقل بالحيلة رغم قوته كما يروي بندار.
Read more...
0 التعليقات
السبت، 20 نوفمبر 2010

العلم: دروس الأمازيغية في أوساط أفراد الجالية مستقبلا

دروس الأمازيغية في أوساط أفراد الجالية في المستقبل القريب
التزام المعهد الملكي بتكوين المدرسين في مقابل التزام وزارة الجالية بأداء التعويضات وكراء الأقسام

اتفق احمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومحمد عامر الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج يوم الجمعة 2010/10/12 بالرباط على وضع الأسس للعمل المشترك وإرساء برنامج للتشاور والتنسيق قصد النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين لدى الجاليات المغربية المقيمة بالخارج.
وحسب اتفاقية شراكة وقعها الطرفان، فإن المعهد الملكي يلتزم بالتكوين البيداغوجي للمدرسين وتوفير الوسائل الديداكتيكية والكتب المدرسية الخاصة بتعليم اللغة والثقافة الأمازيغية، وتجهيز مكتبات المراكز الثقافية المغربية بالإصدارات والمنشورات وتقديم عروض حول الثقافة الأمازيغية وإعطاء دروس لفائدة المشاركين في الجامعات الصيفية لشباب مغاربة العالم، وفي المقابل تلتزم الوزارة بفتح أقسام نموذجية خاصة بتعليم الأمازيغية في بعض دول المهجر بشراكة مع جمعيات مغاربة الخارج الفاعلة في مجال الحقل التربوي والتكلف بالمصاريف الخاصة بفتح هذه الأقسام، المتمثلة في أداء تعويضات للمدرسين وكراء الأقسام ودعم أنشطة الجمعيات الثقافية العامة في إطار النهوض بالثقافة الأمازيغية وتدريسها ومحو الأمية بها في بلدان المهجر.
وطبقا للاتفاقية ذاتها فإن الطرفين يعملان على تعليم الأمازيغية بشكل تدريجي لدى أطفال الجالية المغربية المعنية بالخارج وتنظيم أنشطة ثقافية في المسرح والشعر والموسيقى والأدب الأمازيغي. كما يعملان على الإدراج المنهجي للبعد الأمازيغي في أنشطة وبرامج المراكز الثقافية المغربية التي تحدثها الوزارة، وتنظيم تظاهرات ثقافية بأرض الوطن للتعريف بالمبدعين المغاربة المقيمين بالخارج وتنظيم معارض شراكية بالخارج تعرف بالبعد الأمازيغي لحضارة وتاريخ المملكة المغربية.
وقال بوكوس في تصريح لجريدة «العلم» إن المعهد الملكي سيستجيب لمطالب جمعيات المجتمع المدني خاصة الجمعيات التي تعمل في حقل الثقافة الأمازيغية، وذكر ضمن هذه المطالب تدريس الأمازيغية، موضحا أن الجمعيات لاتملك الإمكانيات الكافية والضرورية للقيام بهذه العملية سواء من حيث الموارد البشرية أوالتربوية أو من حيث الوسائل الديداكتيكية والحوامل البيداغوجية.
وأضاف أن المعهد سيساهم في تكوين الأساتذة وإمداد الجمعيات بالوسائل التي تمكنهم من الاعتناء بالأمازيغية لغة وثقافة .
وذكر بوكوس في كلمة ألقاها قبل التوقيع على اتفاقية الشراكة بين المعهد الملكي والوزارة المكلفة بالجالية بالخطاب الملكي بأجدير، معتبرا أن المغرب أصبحت له منذ 2001 ثقافة جديدة أحدثت قطيعة مع السياسات الثقافية المعتمدة قبل هذه السنة، وقال إنها ثقافة منفتحة ومتجذرة في أصولها العربية والأمازيغية والإسلامية واليهودية، وأوضح عامر بالمناسبة في تصريح ل «العلم» أن إطار الشراكة مع العهد الملكي للثقافة الأمازيغية يستدعي الشراكة أيضا مع الجمعيات الفاعلة في المجال التربوي، مؤكدا أن هذه الاتفاقية ستمكن من انجاز عدد من التظاهرات الثقافية والفنية عبر دول العالم لفائدة الجالية المغربية بالخارج ولتعريف الأجيال الجديدة بمكونات وتنوع الثقافة الوطنية.
وصرح في كلمة ألقاها في حفل التوقيع على اتفاقية شراكة أنه يترقب اليوم الذي يفتح فيه قسم لتدريس الأمازيغية لأبناء الجالية واعتبر ذلك صفحة جديدة تؤسس لمبادرة لها تأثير إيجابي على الجالية التي طالبت بهذا المطلب الذي اعتبره منطقيا وهذه المبادرة بمثابة إضافة لبنة في البناء الذي المغرب بصدده مع الجالية.
وأخبر عامر في اللقاء ذاته أن البرلمان وافق على إعفاء كل القاصرين من تكاليف التنبر الخاصة بجواز السفر. وأضاف أن الارتباط الوثيق بالوطن الأم يستدعي الاستمرار في بذل المجهودات من أجل الحفاظ على العلاقة في المجال الثقافي واعتبر ذلك من أولويات الحكومة وما توليه لقضايا الجالية. وأشار أن هذه الاتفاقية ستمكن من التعريف باللغة الأمازيغية الشيء الذي يمكن أفراد الجالية من الاندماج أكثر وتعميق العلاقة مع البلد الأصلي.
وبموجب هذه الاتفاقية يتم إحداث لجنة مشتركة ودائمة يعهد إليها بتحديد التوجهات الأساسية للعمل المشترك بين الطرفين والمصادقة على مشاريع البرامج التنفيذية السنوية، وتعقد هذه اللجنة اجتماعا واحدا في السنة.
وتتفرع عن هذه اللجنة فرق عمل تقني مشترك بين المصالح المختصة في كل من الوزارة والمعهد، تجتمع مرتين في السنة، وتضطلع فرق العمل المشترك بإعداد مشاريع البرامج وتقييم هذه الاتفاقية واقتراح سبل تطويرها وكذا تحضير جدول أعمال اللجنة المشتركة الدائمة.
الرباط: عزيز اجهبلي
www.alalam.ma
Read more...
0 التعليقات
الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

على راسك ريشة


أمازيغ قدماء يتزينون بريشتين


عندما يستاء مصري من شخص يعتقد أنه غير منصف معه، يسأله "هل على رأسك ريشة؟"، وهو سؤال غريب.. فلما سيحمل ريشة على رأسه خاصة وأن الطرف الآخر لا يحمل ريشة بشكل واضح؟ إنها باعتقادي بقايا مصرية فرعونية. فالعبارات المتداولة والمتجذرة في المجتمع قد تتحجر لتصمد أمام عوامل التعرية الثقافية واللغوية. فلو علمنا أن المغاربة لا يأكلون الأخضر لتعجنا لذلك، ولتساءلنا ومن أين يحصلون على اللحم الأخضر؟ والحقيقة أن اللحم المقصود هو اللحم النيء، ولا علاقة لذلك بلون اللحم إطلاقا، وباختصار فالعبارة تجذ جذورها في اللغة الأمازيغية، فاخضر تشير أصلا إلى خضرة النبات الغير الناضج.. فعمم على غيرها من الحالات.
لكن ما هي أصل عبارة "على رأسك ريشة"؟
لا شك أنه قد ترسخ لدينا تصور سكان أمريكا الأصليين بريش يزين زعماءهم، لكن هذه الظاهرة كانت موجودة في شمال افريقيا، وهو حفظته لنا سجلات مصر القديمة، ونجدها منتشرة في معالمها القديمة كزينة لأربابها، ولعل الألاه آمون أبرزها.
بالطبع، سنكتشف أن علم المصريات قد أعطى انطباعا بأنه فسر وفهم كل المظاهر الحضارية المصرية الفرعونية، لكن بالرغم من ذلك فإن تلك القناعات تبقى أحيانا متسرعة نوعا ما، واسم آمون نفسه يعتبر مثالا لذلك، فالمصريات تحسم في أنه اسم مصري يعني "الخفي"، فماذا عن وجوده في المعتقدات الأمازيغية؟ سؤال يبقى ساذجا، لأن علماء المصريات اعتبروا وجوده عند الأمازيغ صدى واضحا للحضارة المصرية.

هذا الرب آمون -بغض النظر عن أصله- تميز بريشتين، وهاتين الريشتين تمثلان سلطة متميزة كما تدل على ذلك عبارة المصريين السالفة الذكر. وهنا يجب أن نستحضر أن المصريين القدماء رسموا زعماء أسلاف الأمازيغ بريشتين. فالريشتان تجسدان سلطة الشخص القائد عند الليبيين. فهل يمكن القول أن الريشتان من مميزات الليبيين؟ شخصيا سأجيب بالأيجاب، لأنه على حد علمي لم يتزين الفراعنة المصريون بهما، ولعل أبرز إشارة لليبية -ليبيا كانت تعني افريقيا دون مصر- هذه الزينة هي ارتباطها بأرض الليبيين في أذهان المصريين القدماء، لأنها كانت تشير للغرب (غرب مصر).


الرب آمون وعلى رأسه ريشتينأما السؤال التالي فهو: أين يتجلى وجود هذه الثقافة عن أسلاف الأمازيغ (الليبيون القدماء)؟ من المعروف أنه لم يتسنى للأمازيغ أن يسجلوا تاريخهم بشكل جيد والأسباب المتعدة ليست موضوعنا.
لكن لأجل فهم حضور هذه الثقافة يتوجب علينا زيارة السجلات الصحراوية حيث عاش أجداد الأمازيغ ردحا من الزمن. وهذه صورة صحراوية تعود لأزمان غابرة تبرز قبل كل شيء ارتباط القبائل الليبية بالأصول الصحراوية (كمنطقة قبل التصحر). إلا أنه لا مجال للمقارنة مع احترافية الرسوم الفرعونية، لكن لا ينتقص من قيمة السجلات الصحراوية لأجل فهم تاريخ الأمازيغ وبالتالي علاقتها بالحضارة الفرعونية:


رسم صحراوي قديم يصور ليبيين يتزينون بريشتين

Read more...
1 التعليقات
السبت، 13 نوفمبر 2010

أمازيغ سيوة بين هم العروبة و"البوعو" الأسرائيلي



ملاحظة: يقول أحد السيويون في البرنامج أنه عربي وليس أمازيغيا، لأنه لغته فقط تشبه الأمازيغية... وأنا أؤكد له أنه ليس أمازيغيا.. وما ينبغي له.
Read more...
0 التعليقات
الجمعة، 12 نوفمبر 2010

على هامش موضوع "مقاربة تاريخية لهوية المغرب"

مقاربة تاريخية لهوية المغرب
قصدت أن إدريس الأول كان بيدقا بيد قبيلة أوربة لأنه لم يكن ليتمتع بسلطة فعلية كلاجئ سياسي، لكنه كان بيدقا رابحا باعتباره سليلا ل"بيت النبوة". ولم أقصد أنه كان أمازيغيا. لو صدق المؤرخ الفرنسي برنار لوغان (ابن مدينة مكناس) فإن أول ما قام به ابنه ادريس الثاني هو إحاطته بحاشية عربية وقتله لشيخ قبيلة أوربة (كتاب: تاريخ المغرب من الأصول إلى اليوم). ومن جهة أخرى يشكك المؤرخ هيرمان أوبدايين بشدة أن يكون إدريس الأول هو من شيد مدينة فاس ويذكر أنه قام بتوسيعها(كتاب: تاريخ المغرب). وهو يتفق مع لوغان في أن ابنه عزل نفسه مع جالية عربية.
نفس المؤرخ يذكر أن اسم وليلي اسم أمازيغي من نبتة تسمى 'أليلي'
بالأمازيغية (أذكر هذا للفائدة). فتصرف ادريس الثاني أفسره بمحاولة التملص من سيطرة أتباعه الأمازيغ، وتفاخره بنسبه الشريف ذلك أن العرب لا يعترفون بأثر الأم في أنسابهم وهو ابن كنزة النفزية.
ما يقوله السيد الدغرني فمن خياله، ولربما كان أكثر واقعية لو تساءل ان كان ادريس الثاني حقا ابن ادريس الأول أم أنه كان نتيجة حيلة سياسية لإبقاء دولة الأدارسة بعد ان سمم ادريس الأول بعد اغتياله بأمر هارون الرشيد (يقال أنه ابن جارية أمازيغية أو يمنية (وقد تكون صومالية :)). والقصص الباقية تفيد أنه ترك زوجته حاملا بعد اغتياله... وبالرغم من ذلك أصبح أغلب المغاربة أحفاده ..

أما العالم العربي فهو العالم الناطق بالعربية ولا أقصد الدلالة العرقية. لأن المغاربة هم أمازيغ جينيا حسب دراسة جينية تعود لسنوات ماضية، خلصت أيضا إلى أن الأمازيغ والمصريون القدماء ربما يشتركون في أصل واحد.
زد على ذلك أن الأمازيغي الذي يعادي الأمازيغية ويتقمص دور العروبي فهو ينتمي للعالم العربي وليس الأمازيغي، ومثال ذلك شخص سيوي على الجزيرة أمازيغي سئل عن علاقته ب"بلاد المغرب" فأجاب أن لغتهم ليست أمازيغية وإنما تشبهها وبالتالي فهو عربي -هكذا- دون أن يتساءل عما يجعله عربيا واللهجة السيوية لا تشبه العربية أصلا قبل أن تكون عربية.. فماذا كان سيقول لو كان مستعربا؟؟
أنا شخصيا لا أنظر -من منطلق هوياتي محض- إلى الأمازيغي كمختلِفٍ عن المستعرب، بل هما أبناء عقلية واحدة.. فالفرق يكمن في الاستعراب اللسني، ولا شك أن الأستاذ العروي أحق أن يكون أمازيغيا من الجابري فالأول عربي ينظر إلى المغرب -أمازيغي أو مستعرب- كامتداد للبربر ويدعو لتعليم "اللهجات" في حين أن الثاني أمازيغي يعرب الأمازيع ويدعو لأماتة اللهجات...
لهذا فأنا أفضل تقسيما أفقيا لشمال إفريقيا، عوض التقسيم العمودي. تداخل ثقافي -عبر جذور أمازيغية ولغة عربية- في حين أن التقسيم العمودي يفصل بين المغاربة الناطقين بلغات مختلفة بالرغم من أن ثقافة الكسكس هي ثقافة الجميع.
Read more...
0 التعليقات
الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

مقاربة تاريخية لهوية المغرب

لم يكن الأستاذ العروي دقيقا تمام الدقة في عكس سلوك المغاربة التاريخي حيال هويته حين قال أن "المغاربي لم يدرك أبدا أين تكمن مصلحته: داهمته روما فتحالف مع قرطاج، مع أنها كانت بالأمس عدوة له؛ سيطر عليه العرب فاحتمى بالإسلام؛ استعمرته فرنسا فالتجأ إلى العروبة". فهذا التصور لواقع التناقض الهوياتي عند المغربي يفتقد لرؤية صارمة، فتقلب الأمازيغي هوياتيا وعقائديا ليس نابعا من جهل المغاربي بمصلحته، وإنما يعزى لغياب البنية الثقافية الراسخة والشخصية المغاربية نفسها وبالتالي ذاكرته التي يفترض بها أن تشكل معقلا إديولوجيا ومجتمعيا تتمحور حوله هوية المغاربي
. ذاك أن مصلحة المغاربي لم تكن منشغلة بهم وجودي ثقافي وإنما كانت تصبوا للخروج من مآزق سوسيو-اقتصادية آنية. فالأمازيغي عول على روما من أجل التخلص من الأرستوقراطية القرطاجية، ثم تبنى ثقافة طليقته البونية من جديد نكاية بالثقافة الرومانية بعدما خذلته، ولعله نظر الى الغزاة المسلمين كجيش تحرير من البيزنطيين قبل أن تدهسه حوافر أحصنتهم، فزايدهم على اسلامهم واتخذ مذهبا إيديولوجيا كعادته لطرد الأرسطوقراطية العربية، أما حين حلت فرنسا بالمغارب وجدناه يتباين اجتماعيا لو أهملنا الجانب اللغوي، لكن المحصلة كانت توجها الى القومية العربية.
أما اليوم فنشهد نتائج تعريب غير مكتمل، الشيء الذي ينضاف الى قصور في فهم طبيعة التطور المغاربي، بحيث أصبح يُنظر إلى العروبة اللسنية والثقافية كمعيار عرقي مقابل تصور ساذج ومغلوط يعرف الآخر 'الأمازيغي' على أنه بقايا الشعوب التي رأف بها فرسان العرب (مادامت الناقة لا تتسم بالبطولة الرومانسية).

مغاربة يتقمصون دور المثقف الكولونيالي:
كان من نتائج هذه النظرة القاصرة سلوك مثقفين مستعربين نهْجا كولونياليا لا يختلف في أدواته عن أدوات الحقبة الأستعمارية الفرنسية، فإيمانهم بكونهم أبناء الفرسان العرب الذين فرضوا وجودهم على المغرب، جعلهم يحملون هَمَّ التأثيث التاريخي للواقع الجديد، فيكلفون أنفسهم عناء البحث عن الوطن الأول للمحليين خارج المغرب المشترك حتى لا تكون هناك أحقية تاريخية -للسكان الأصليين- على 'الوافدين' فهذا سيعني أن الأرض أرض لا ترتبط بقوم معين وأنها لمن سكنها.
ثم نجد فئة أخرى تطوعت لتركب مراكب الأساطير القديمة متنصلة من العلوم العصرية لتصل الى نتيجة مفادها أن الجميع عرب قادمون من جزيرة العرب. ولكي لا يظهر الوجود العربي بمظهر الاستعماري، عمل المفكرون المسلمون على زخرفة الوجود الاسلامي بالمغرب وتقديمة على أن المحليين كانوا مهذبين وحكماء، رمقوا الأسلام أول ما رمقوه فعلموا أنه الحق من عند ربهم فعانقوا العرب وشكروهم الشكر الجزيل...
إلى هنا نلمس نبرة تنشد تناغما لاختلاف عرقي متخيل، لكنه تناغم مشوب بالحذر المقنع، فالاسلاميون والعروبيون لا يستسيغون فكرة مساواة أو تناغم حقيقي، لذا فقد أدخل التنظير الديني وتم استعماله بشكل قسري قصد فرملة ظهورٍ أمازيغيٍ وازنٍ، فتم تصوير اللغة والثقافة الأمازيغيتين على أنهما -بشكل أو بآخر- بقايا وثنية، ودعوات للعودة الى الجاهلية وتم اعتبارهما محاولة استعمارية مفضوحة لكسر شوكة الأمة.. هذا كله والمغاربة المعنيون يخالون أنهم أذكياء ماكرين مكملين لفتوحات أجدادهم على أرض البربر...

حقائق تاريخية مضطهدة:
هذا التذاكي هو تذاكي الأغبياء.. وتصور تكاسلي متقاعس عن الألمام بجذور التباينات اللغوية والجهوية، إذ أن الثابت الغير المتغير هو أن الأمازيغ لم يرحبوا يوما بالعرب بل كانت هناك استماتة لصد جيوشهم بالرغم من افتقاد المغاربة لدول مركزية بجيوش وشبكات إدارية معقدة، كما أن 'المسلمين' لم يحملوا هم نشر كلمة الله، بل كان في منبته صراعا دمويا على السلطة بعباءة مذهبية، فحلول المسلمين بالمغرب كان مصحوبا بإجراءات استغلالية مثل الجزية والسبايا والعبيد لأن 'البربر يومئذ كفار'، أما إسلامهم فلم يكن ذي نفع للأمبراطورية الأموية فتم تخميسهم على اسلامهم كما أُقصوا من دواليب الحكم العربي، وطُولبوا بتقديم العبيد والأيماء، فكانت ثورة الخوارج كأقوى رد عسكري مغربي على احتلال أجنبي وليس العكس كما يزعم أصحاب نظرية الترحيب.
بعد تصفية الحسابات كان هناك إسلام مغاربي محلي دون نخبة استعمارية يخال المغاربي أنه غصن من أغصانها المتناسلة. ولعل ظهور الأمبراطوريات الأمازيغية خير دليل على القطيعة الاستعمارية العربية (ابن خلدون: وذهبت ريح العرب ودولتهم عن المغرب وإفريقية فلم يكن لهم بعد دولة إلى هذا العهد وصار الملك للبربر وقبائلهم يتداولونه طائفة بعد أخرى وجيلاً بعد آخر(...)). لكن ما حدث هو تبني المغاربي الذي يعرف مصلحته البراغماتية لمزاعم تجعل منه أكثر أحقية في الاستحواذ على الملك، فظهر منهم دعاة يزعمون أنهم من أصل شريف، كما في حالة محمد ابن تومرت الذي زعم أنه المهدي المنتظر، وكذا ظهور أنبياء 'من صنع محلي'، وهكذا تم ركوب موضة الأصل الشريف المعشعش إلى أيامنا هاته. ولعل القارئ يتساءل 'وماذا عن قبائل بني هلال وغيرهم؟'، وهم قبائل وصفها ابن خلدون بالجراد، أرسلتها الدولة الفاطمية -التي قامت بفضل القبائل الأمازيغية- من مصر كعقاب للدولة الزيرية التي اعلنت انفصالها عن الخلافة الفاطمية في المغرب، فنقول أنهم بعدما عاثوا في الأرض فسادا،أصبحوا جنودا مرتزقة في جيوش الموحدين ثم أن هناك تسخير إيديولوجي لتلك الأحداث التي صورت كهجرة مليونية هيمنت عرقيا وعسكريا على الأمازيغ، فتواجدهم بالمغارب كان يتحدد في مناطق مفتوحة واقتيات على نهب وإغارات ممنهجة على مدن الأمازيغ وليس حربا بين العرب والأمازيغ (غابرييل كامس: كيف أصبحت بلاد البربر مغربا عربيا).

خلفية التلاعب بالحقائق:
إن من التعالي الثيوقراطي عند المستعربين الصاق نسبهم بأصل شريف غالبا ما يكون إدريس الأول الذي يبدو أنه لم يكن سوى بيدقا بيد شيخ قبيلة أوربة، فيزعمون أن نسله بالملايين مع العلم أنه لم يتمتع بخصوبة خارقة تجعل نسله يطغى على نسل أمة!.
لأجل هذا يجب النظر إلى التباين المغاربي على أنه تباين ثقافي يتجلى في أمازيغ عانوا تهميش كيانهم الوجودي مقابل آخرين ترفعوا عن بني جلدتهم فابتدعوا أصولا شرقية واتخذت موقفا استعلائيا عن جذورها المحلية بغية خدمة أهداف ظاهرها تحمل طابعا دينيا، وجوهره يحمل ترفعا عن عرق المحليين الى عرق شريف وكذا طموحات سياسية واجتماعية لازالت مقبولة في العصر الحديث، ثم تبعتها أجيال لم تعد ترى في نفسها إلا أنها أصداء فتوحات العرب 'المجيدة'.

منزلقات الخطاب الأمازيغي:
لذا فإن الخطاب الأمازيغي المتزن يجب ألا ينساق لمتاهة التراشق بالمصطلحات وإلصاق الشيطان بالآخر، فالصهيونية مثلا ليست مادة للثقافة الأمازيغية، فهو شأن خاص بمن يعاديها وينفث سمومه العنصرية تجاه اليهود من خلالها، خاصة وأن الصهيونية فكرة دينية وليست عرقية وان الدين لا يخضع لتقييم دين آخر بشكل موضوعي في حين يحرم ذاك الدين المُنتقِد نفسه حق انتقاده ويعتبر ذلك إساءة لمشاعر معتنقيه.
أما التراشق بالتهم حول العمالة للخارج وما إلى ذلك من تهم لم ولن تُثبت يوما، فهو في حقيقته تغليف لصراع المستعربين لأجل الحفاظ على امتيازات رمزية وطبقية، وأداة لأجل تحقيق برامج دعائية شخصية أو حزبية عبر الظهور بمظهر الغيور على الوطن طالما أن الجماهير قد تربت على الخنوع لهكذا طروحات، في حين أن الهوية الأمازيغية هي هوية المغاربة أجمعين وهي أكثر الثقافات تأصلا في المغرب مهما ألصقت بها من لصائق ساذجة من أصول يهودية مفترضة أو وثنية أو مزاعم بمحاباة قوى خارجية لها.
وقد سمعت آراء لأمازيغيين حول اليهود ترقى للعنصرية النازية، ما يوضح أن الأنسان الأمازيغي يجب ألا يكون جوهر الخطاب الأمازيغي، لأن المغارب كله أمازيغي تاريخيا، أما اللغة فلا تعني أي فرق حضاري، ففي اعتقادي الشخصي يتحتم على الخطاب الأمازيغي المنفتح على الآخر أن يبني نظرة متفتحة تشمل المغارب بشكل عام كمجموع ذي تاريخ مشترك. أما إن كان مصير الخطاب الأمازيغي أن ينحصر في زاوية لغوية قصيرة النظر دون تصفية نفسها من شوائب الخطابات العنصرية التي تأثر بها العالم العربي وأمراض الكيل بمكيالين في علاقته بالآخر فأن معنى الاستدراك الهوياتي يبقى عنوانا بدون مضمون، إذ الانسياق وراء هذه المزايدات عبر مهاجمة الرموز التي شيطنتها العروبة والمزايدات حول خدمة الأسلام والعربية عبر التذكير بأمجاد طارق ابن زياد وصاحب الأجرومية ليس إلا رد فعل ظاهره 'الأمزغة' وباطنه المطالبة بنفس الرمزية التاريخية التي يتقمصها المستعرب في كل دردشة قومية. وبالتالي جاز أن نتساءل حول ماهية الأمازيغية إن كانت تتفوق على العروبة في نظرتها العدائية للآخر كالأقليات الأثنية والدينية وحتى المجتمعات البعيدة كالتنكيل العنصري بالأديان الأخرى..
Read more...
0 التعليقات
yrdy
 
Amazighpress © 2011 SpicyTricks & ThemePacific.